مهمتنا تبدأ وتمضي بكم/ ن

استهداف العابرين الجنسيين في دمشق .. الحريات في سوريا إلى أين؟

اشترك في

النشرة البريدية الأسبوعية: 

تم الاشتراك في النشرة بنجاح تم حدوث خطأ غير متوقع

تبعنا علي

وسائل التواصل الاجتماعي

تم حفظ المقال في المفضلة
تم نسخ الرابط بنجاح!
الجمعة 18 أبريل 20251:59 م

في بلد أنهكته الحرب والدمار، لا تزال السلطة تواصل معركتها ضد المختلف، وكأنها لم تتعلّم من ماضيها شيئًا. سقط صيدنايا الأسد، ولكن الآن أصبح لكل واحد صيدنايا خاص به يُزَجُّ فيه بمن يختلف عنه.

تشهد دولة سوريا في الشهور الأخيرة حملات ممنهجة ضد المثليين والعابرين جنسيًا، وبعض من تلك الحملات تم تصويرها ونشرها على مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة، لم يتوقف الأمر عند القبض عليهم بدون وجه حق، ولكن تظهر الفيديوهات كيف تم الاعتداء عليهم جسديًا، وعلى كل فيديو تجد سيلًا من التعليقات حول مدى بسالة قوات الأمن السورية في مطاردة أمثال هؤلاء “الملاعين”، وأنهم نتاج حكومة الأسد التي كانت تهدف إلى نشر الفجور والقبض على المتدينين الملتزمين، وبين عشرات التعليقات التي تدعم عمليات الاستهداف، تجد صوتًا ضعيفًا يندد بمثل تلك الأفعال الوحشية، وتعليقًا على كل تلك الأحداث هنا نوجه بعض الأسئلة سواء للشعب السوري أو لقوات الأمن السوري.

هل انتهت قوات الأمن السورية من كل مهامها التي تخص الأمن والسلام لبلدٍ عاش فتراتٍ كبيرة من الزعزعة والصراعات، داخلية كانت أو خارجية؟ هل انتهت حكومة الشرع من تنفيذ مهامها كحكومة تعيد تكوين مستقبل أمة دمّرتها حكومة سابقة؟ أعتقد أنه لأمر جليٌّ مثل الشمس أن كُلًّا من قوات الأمن أو الحكومة السورية أمامهما الكثير من المهام التي يأتي في نهايتها مطاردة العابرين جنسيًا، ويأتي في أولها ملاحقة أفراد النظام السابق، الذين مارسوا العنف والقمع، ويشكلون تهديدًا حقيقيًا على أمن المجتمع السوري.

وحتى إن فرغا من كل مهامهما، هل يشكّل أفراد مجتمع الميم كل هذا القلق للأمن العام مما يدفعهم لترتيب حملات ممنهجة ضدهم؟ من الحجج الباطلة المُشاعة أن من تم إلقاء القبض عليهم يحترفون الدعارة، وإن كانت الدعارة غير مقنّنة ونقاش مشروعيتها من عدمه قضية لن تسعنا هذه المادة لمناقشتها، ولكن لنستسلم لعدم مشروعيتها احترامًا للقانون السوري، ونعترف أن ما ارتكبوه مخالف للقانون، لو كانت الدولة السورية الحديثة دولة تحترم سيادة القانون، هل يجوز معاملتهم بهذا الشكل؟ هل القانون يشرّع الاعتداء عليهم جسديًا من قبل حتى إثبات أي تهم؟ وحتى بعد إثبات التهم، هل هذا ما سيحكم به القانون؟

لا يمكننا إغفال أن القمع الذي يتعرض له أفراد مجتمع الميم، هو أمر منتشر في المنطقة العربية كلها، ربما يرجع الأمر لأسباب دينية أو ثقافية أو حتى حبًّا في القمع الذي اعتادته شعوبنا، حتى توارثناه، وكل من أُتيحت له الفرصة لممارسته، يمارسه. ولكن كنا نرى في سوريا تجربة مختلفة، كان بإمكانها أن تكون بداية لتغيير جذري في كثير من قضايا المقموعين بمختلف خلفياتهم، ولكنهم اختاروا العكس.

تُوجَّه الأسئلة اليوم إلى الشعب السوري، لم يمر وقت طويل منذ ديسمبر 2024 حين تخلّص الشعب من حكم الأسد الذي امتد لعشرات الأعوام التي عانى فيها الشعب السوري من أسوأ أنواع الانتهاكات المسجّلة في تاريخ البشرية، وتم توثيق كل هذا من قبل هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية وغيرهما من منظمات حقوقية، وبدون حتى التوثيق فقد رأينا بأم أعيننا الجرائم التي ارتُكبت في تلك الفترة، وإلى يومنا هذا تجد في مختلف الميادين والساحات في سوريا صورًا لمن فُقِدوا ضمن حملات الاعتقال الجماعي التي ارتكبها النظام السابق.

كل شعوبنا عانت وتعاني من نفس صور القمع والترهيب، السياسي والديني وغيرهما، وكلهم أيضًا يتشاركون في الكراهية ضد مجتمع الميم ويشنّون حملات ممنهجة ضدهم.

ولا مانع من تعميم توجيه السؤال، فكل شعوبنا عانت وتعاني من نفس صور القمع والترهيب، السياسي والديني وغيرهما، وكلهم أيضًا يتشاركون في الكراهية ضد مجتمع الميم ويشنّون حملات ممنهجة ضدهم.
لهذا نسأل، ألم تتعلموا من كل هذا معنى القهر والمذلّة وقلة الحيلة؟ كيف اختلفتم عن معذّبكم بتلك الطريقة وأنتم تدعمون قهر الغير؟! مشكلتكم مع مجتمع الميم في توجهاتهم أو ميولهم أو أفكارهم، وبهذا المنوال يمكننا أيضًا تبرير ما ارتكبته حكومة الأسد أو أي حكومة عربية ديكتاتورية بأنها كانت مختلفة معكم في الرؤية أو الأفكار.
سيدي، الحريات لا تتجزأ، وتبرير القمع أيضًا لا يتجزأ، القمع السياسي مثله مثل القمع الديني أو الفكري أو العرقي أو غيره، وحقك في الحصول على الحرية يفرض عليك الدفاع عن حرية غيرك.

يقول الأستاذ ضوميط القزي – الناشط الحقوقي وناشط لحقوق أفراد الميم عين، لمنصة صلة وصل أن ما يحدث اليوم في دمشق هو تصيُّد لأفراد الميم عين، ويحدث في سوريا كلها، ليس دمشق فقط، وبالتالي هي حملات ممنهجة بالتأكيد، سواء من قبل قوات الأمن السوري أو من قبل ميليشيات فردية لا تتبع أي منظمات، منها على سبيل المثال (رجال الكرامة)، الذين بالفعل استهدفوا بيوتًا بعينها داخل حي جرمانا في جنوب شرق دمشق، واعتقلوا عابرات جنسيات هناك. يضيف القزي:”لهذا لا يمكن اعتبار ما يحدث حالات فردية، بل مرة أخرى حملات ممنهجة، وهو في رأيي أمر متوقع من حكومة أقرّت أن دستورها أساسه الشريعة الإسلامية”.

الحريات لا تتجزأ، وتبرير القمع أيضًا لا يتجزأ،وحقك في الحصول على الحرية يفرض عليك الدفاع عن حرية غيرك

يشدد القزي على “إن الخروج من القمع لا يعني بالضرورة أنه سيؤدي إلى تغيير، بل إن التغيير لا يكون إلا بالعمل المنظم على ثقافة ووعي وتنشئة المجتمع، هكذا فقط يكون التغيير، ولا يمكن توقّع تغيير من الأساس والحاكم الآن هو حزب البعث الإسلامي الذي لن يسمح بأي مناخ ديمقراطي”.
يرى القزي أنه لا وقت للراحة الآن، فسقوط عائلة الأسد لا يعني أنه يمكننا أن نستريح فترة ونحتفل بهذا النصر، بل إن الآن هو أخطر الأوقات في تاريخ سوريا المعاصر، حيث إننا في مرحلة تأسيس نحتاج فيها إلى مضاعفة المجهود، وإنه هو على المستوى الشخصي لن يتأخر لحظة أو يتردد في الدفاع ومساندة كل فرد من أفراد الميم عين.

Subscribe
Notify of
guest
0 تعليقات
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments

مقالات ذات صلة:

اشترك في نشرتنا الشهرية

تابعونا ليصلكم/ن كل جديد!

انضموا إلى قناتنا على الواتساب لنشارككم أبرز المقالات والتحقيقات بالإضافة الى فرص تدريبية معمقة في عالم الصحافة والإعلام.

هل تريد تجربة أفضل؟

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربة التصفح وتحليل حركة المرور وتقديم محتوى مخصص. يمكنك إدارة تفضيلاتك في أي وقت.

ملفات تعريف الارتباط الضرورية

ضرورية لعمل الموقع بشكل صحيح. لا يمكن تعطيلها.

ملفات تعريف الارتباط للتتبع

تُستخدم لمساعدتنا في تحسين تجربتك من خلال التحليلات والمحتوى المخصص.

0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x