مهمتنا تبدأ وتمضي بكم/ ن

الهوية المستترة: كيف تشكّلنا الطفولة دون أن ندري؟

اشترك في

النشرة البريدية الأسبوعية: 

تم الاشتراك في النشرة بنجاح تم حدوث خطأ غير متوقع

تبعنا علي

وسائل التواصل الاجتماعي

تم حفظ المقال في المفضلة
تم نسخ الرابط بنجاح!
الأربعاء 6 أغسطس 202510:31 م

 نرث ما لم نختره.. فهل نعيش ما نستحقه؟
لم يخبرنا أحد أنّ الأمومة لا تبدأ فقط بولادة الطفل، بل بولادة جديدة للمرأة؛ لحظة تتكشّف فيها الذات، لا بملامحها
المستجدة، بل بما ترسّب فيها منذ زمن، ذاكرة لا واعية تبدأ بالتحدّث، لا بالكلمات، بل بالسلوك والانفعالات وردود الفعل.

نظنّ أحيانًا أننا نبدأ من الصفر، لكن الحقيقة أكثر تعقيدًا. لا أحد يبدأ من فراغ. في لحظات الإرهاق، في مواجهة الأدوار الجديدة، في المواقف المتكررة، يظهر أثر الماضي متخفيًا في تفاصيل الحاضر، ليس لأنه حاضر أمامنا، بل لأنه مقيم فينا.

وهذا الظهور لا يشير إلى ضعف، بل إلى عمق التجربة. فكما أشارت إحدى الدراسات تحت عنوان: “اختلافات المادة البيضاء في الدماغ الكامل تبعًا لبيئات الطفولة”، المنشورة في الصحيفة العلمية بيناس PNAS، والمبنية على بيانات أكثر من 9,000 طفل ضمن مشروع ABCD، فإن التعرّض لتجارب طفولة سلبية، مثل الفقر أو التوتر الأسري، يرتبط بتغيّرات في بنية المادة البيضاء في الدماغ، مما يؤثر لاحقًا على تنظيم الانفعالات والوظائف المعرفية، خصوصًا في مراحل البلوغ والأدوار الحياتية الجديدة، مثل الأمومة. والأمل يكمن في أن التربية الداعمة والبيئات المستقرة لها أثر قوي في تقليل الأضرار المحتملة.

حين نفاجأ بسلوك لا يشبهنا، أو بانفعال لا نجد له مبررًا، فغالبًا ما نكون نُعيد تمثيل مشهد قديم علق في اللاوعي أي ما لم يُفهم يُعاد. وما لم يُشافَ يُمرَّر دون وعي  إلى من يأتي بعدنا.

الأنوثة كما شكّلها الوعي الجمعي
في كثير من البيئات، تُربّى الفتيات على فكرة أنّ الأنوثة مرادفة للخجل، والتضحية، والصّمت. تُلقَّن الفتاة منذ صغرها أنّ رضا الآخرين هو معيار قيمتها، وأنّ الصوت العالي أو التعبير عن الرغبات دليل على التمرّد أو “قلّة الأدب”.

ثمّ، في تناقض صارخ، يُختزل مفهوم الأنوثة أحيانًا في الشكل الخارجي، في الملبس أو في مدى الجاذبية؛ كأنّ الأنوثة قيمة تُقاس بصريًا، لا كيانًا داخليًا يتشكّل بالتوازن والصدق مع الذات.

حين نفاجأ بسلوك لا يشبهنا، أو بانفعال لا نجد له مبررًا، فغالبًا ما نكون نُعيد تمثيل مشهد قديم علق في اللاوعي أي ما لم يُفهم يُعاد.

لكن هذه الصورة المجتمعية لم تكن يومًا مكتملة. الأنوثة ليست طيفًا بين الخضوع والإغراء، بل حضورًا حقيقيًا للذات. أنوثة الوعي مختلفة: تعترف بالتعب، تمنح نفسها حقّ الشعور، وتدرك أنها تستحق كما تعطي. أنوثة لا تنكر الذات، بل تتصالح معها، وتمنحها ما تحتاجه.

الوعي ليس صراعًا… بل مسؤولية
ما نحمله في أعماقنا ليس كله جرحًا، لكنه أيضًا ليس شفاءً كاملاً. نحن لسنا فقط ما عشناه، بل أيضًا ما اخترنا أن نفهمه. لسنا ضحايا لما مضى، لكننا مسؤولون عن الكيفية التي نتعامل بها معه اليوم.

الوعي لا يعني البحث عن مذنب، ولا توجيه اللوم، بل يعني التوقّف عن إعادة إنتاج ما لا نعيه. أن نكون بداية مختلفة، لا تكرارًا لما سبق. فكما لم نختر ما وُرِّث لنا، يمكننا بشيء من الشجاعة أن نختار ألّا نمرّره كما هو.

الماضي ليس بأيدينا، أمّا هذه اللحظة، فهي لنا بالكامل ومن هنا تبدأ القدرة الحقيقية على التغيير.

Subscribe
Notify of
guest
1 تعليق
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
Fatima
Fatima
3 ايام منذ

👍🏼👍🏼👍🏼

مقالات ذات صلة:

اشترك في نشرتنا الشهرية

تابعونا ليصلكم/ن كل جديد!

انضموا إلى قناتنا على الواتساب لنشارككم أبرز المقالات والتحقيقات بالإضافة الى فرص تدريبية معمقة في عالم الصحافة والإعلام.

هل تريد تجربة أفضل؟

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربة التصفح وتحليل حركة المرور وتقديم محتوى مخصص. يمكنك إدارة تفضيلاتك في أي وقت.

ملفات تعريف الارتباط الضرورية

ضرورية لعمل الموقع بشكل صحيح. لا يمكن تعطيلها.

ملفات تعريف الارتباط للتتبع

تُستخدم لمساعدتنا في تحسين تجربتك من خلال التحليلات والمحتوى المخصص.

1
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x