مهمتنا تبدأ وتمضي بكم/ ن

التطور: فهم الحقيقة المعنوية

اشترك في

النشرة البريدية الأسبوعية: 

تم الاشتراك في النشرة بنجاح تم حدوث خطأ غير متوقع

تبعنا علي

وسائل التواصل الاجتماعي

تم حفظ المقال في المفضلة
تم نسخ الرابط بنجاح!
السبت 23 ديسمبر 20232:16 م

يثير فهم التطور الكثير من الجدل والتساؤلات حول الغاية والمعنى في حياتنا. يعتقد البعض أن فهم التطور مرتبط شرطيا بانعدام المعنى والاستسلام لحالة من العبثية واللامبالاة. ومع ذلك، يتطلب هذا الاعتقاد إيضاحًا وفهمًا أعمق للموضوع.

على مر الزمان، كان لدينا كبشر بوجهٍ عام قناعات ومعتقدات التي يقوم عليها فهمنا للعالم، ومن خلالها نجد المعنى والنظام والغاية في حياتنا، ونتيجة لهذه القناعات، يقوم عقلنا بإبداع تركيبة معنوية مرضية نشعر من خلالها بالراحة والاستقرار، بمعنى آخر قبل فهم التطور كنا نرى المعنى والنظام والغاية كما تعود عليها عقلنا لسنوات حيث تبادلت أجيال بعد أجيال أفكار ومعتقدات دينية تجذرت بأسلوب تفكيرنا ونظرتنا إلى الأمور عبر السنوات. ما خلق مساحة أصبحت آمنة لتصورتنا ربطنا من خلالها معنى معين يربط وجودنا لسردية ما تقينا من فكرة العدم والموت الأبدي. ولكن الذي خلق الغاية بمجموعة من الاعتقادات، والقناعات هو عقلنا
والذي أوهمنا بغياب المعنى والغاية هو عقلنا أيضاً.


مع مرور الزمن وتغير قناعاتنا، يصبح الفهم المعنوي للتطور غير واضح، وقد يشعر الفرد بالارتباك والفوضى العقلية مجرد الخروج من سردية الوجود التقليدية. ينهار المعنى والغاية التي كان يعيشها في الحياة تحت ضغط التطور والتحولات العقلية، ويبدأ العقل في الميل نحو الاعتقاد بانعدام المعنى والغاية. ومع ذلك، يجب أن ندرك أن الحقيقة بسيطة وبكثير مما نتصوّر.

فالمعنى والغاية في الحياة ليست مجرد كيانات خارقة يمكنها تحقيق كل الأماني والطموحات. إنها نتاج تفكيرنا وتصوراتنا ومعتقداتنا. إنها قصة نرويها لأنفسنا وللعالم من حولنا.

المشكلة أن القناعات الرافضة للتطور تملأ الفراغ بقصص أسطورية ذات جذور غزيرة وعميقة الأثر في الوعي البشري، وتروي هذه القصص عن وجود كائنات خارقة ومميزة، وتعطينا الشعور المغري بأننا المخلوق المتفرد الأهم والأرقى في الكون. وهذه القناعات تصوّر لنا الإنسان ككائن محدد الغاية في الوجود، وتمنحه شعورًا مطلقًا بالتفوق على المخلوقات جميعها.

المعنى والغاية في الحياة ليست مجرد كيانات خارقة يمكنها تحقيق كل الأماني والطموحات. إنها نتاج تفكيرنا وتصوراتنا ومعتقداتنا. إنها قصة نرويها لأنفسنا وللعالم من حولنا.

وبعد تغير قناعاتنا القديمة نسبياً نبدأ بالشعور بالصدمة، والتشوش في عقلنا، وبأن المعنى والغاية التي كنا نراها للحياة انهارت تماماً. فينقلب العقل للنقيض، ويميل إلى انعدام المعنى، وغياب الغاية. إلا أن فهم الحقيقة المعنوية للتطور يأتينا بوعي أكثر. يكتشف الإنسان الحقيقة البسيطة والمحددة لوجوده ومكانته في الكون.

وندرك أننا مجرد نوع من الكائنات الحية تطور مع باقي المخلوقات على كوكب الأرض. ندرك أيضًا أن هذا الكوكب صغير جدًا بالنسبة إلى الكون، وأنه مأوى لملايين الكائنات الحية التي سبقته في الوجود، وسيطرت على مختلف بيئات الأرض.

وعند هذه النقطة ندرك أننا جزء من شجرة الحياة، وأن علينا أن نكون جزءًا حقيقيًا ومتواضعًا منها. يبحث عقلنا عن معنى بسيط لحياته، يرتبط بذاته وبمن يحبهم. يبحث عن علاقته بالطبيعة التي ينتمي إليها والكائنات الحية التي يشاركها وجوده. يتعلم أن يكون جزءًا متواضعًا ومسؤولًا في شجرة الحياة، يحترم التنوع والتفاعلات التي تحدث فيها، يشعر بالتميز بدون غرور مفرط أو وهم مزيف. إن الإشكالية ليست في انعدام المعنى، بل في عدم قدرتنا على فهم أن المعنى قد يكون بسيطًا ومتواضعًا، ولا يتطلب أن يكون خارقًا أو ضخمًا يليق بكائن أسطوري.
يمكن للفهم العميق أن يجد لنا معنى حقيقيًا يرتبط بواقعنا، ويسهم في بناء عالم أفضل، وهذا هو التحدي الذي يجب أن نواجهه ونتقبله.
القصة تبدأ وتنتهي في عقلنا… فلا تبحث خارجه.

لا توجد وسوم لهذه المقالة.
Subscribe
Notify of
guest
0 تعليقات
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments

مقالات ذات صلة:

اشترك في نشرتنا الشهرية

تابعونا ليصلكم/ن كل جديد!

انضموا إلى قناتنا على الواتساب لنشارككم أبرز المقالات والتحقيقات بالإضافة الى فرص تدريبية معمقة في عالم الصحافة والإعلام.

هل تريد تجربة أفضل؟

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربة التصفح وتحليل حركة المرور وتقديم محتوى مخصص. يمكنك إدارة تفضيلاتك في أي وقت.

ملفات تعريف الارتباط الضرورية

ضرورية لعمل الموقع بشكل صحيح. لا يمكن تعطيلها.

ملفات تعريف الارتباط للتتبع

تُستخدم لمساعدتنا في تحسين تجربتك من خلال التحليلات والمحتوى المخصص.

0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x