مهمتنا تبدأ وتمضي بكم/ ن

دورتي الشهرية أضافت إلى الحرب عبئًا آخر

اشترك في

النشرة البريدية الأسبوعية: 

تم الاشتراك في النشرة بنجاح تم حدوث خطأ غير متوقع

تبعنا علي

وسائل التواصل الاجتماعي

تم حفظ المقال في المفضلة
تم نسخ الرابط بنجاح!
الأحد 26 يناير 20253:48 م

لا تزال الدورة الشهرية مرتبطة بالعار الإجتماعي والثقافي والوظيفي مثل كل شيء يخصّ أجساد النساء. فتشعر الفتيات منذ الصغر وحتى عمرٍ متقدمٍ بالخجل من أمرٍ بيولوجيٍ طبيعيٍ مثل الدورة الشهرية، بدءًا من إخفاء الفوط الصحية داخل أكياسٍ سوداء، والتحدث عنها دائمًا بهمسٍ وخجلٍ وقلقٍ. حتّى أنّ بعض المعتقدات والطقوس الدينية لا تزال تؤمن حتّى الساعة، بأنّ صلوات الفتيات خلال دوراتهنّ الشهرية هي غير مسموعة لأنها مُدنّسة. 

المشاكل المُرتبطة بالدورة الشهرية

صحيح أنّ الدورة الشهرية هي مُشكلة قائمة بحدّ ذاتها وعبء لمعظم السّيدات المهمّشات داخل مجتمعهنّ الذكوري والأبوي، إلّا أنّ هذه المشكلة ترتبط بمشاكل عديدةٍ أخرى. إذ تشير التقديرات إلى أنّ 30% من الفتيات جنوبي إفريقيا لا يذهبن إلى المدرسة في أوقات الدورة الشهرية، بسبب عدم توافر فوط صحية لديهنّ. وهذه الظاهرة تُعرف باسم “فقر الدورة الشهرية”، وتؤثر على المجتمعات محدودة الدخل إلى المتوسطة.

بعض المعتقدات والطقوس الدينية لا تزال تؤمن حتّى الساعة، بأنّ صلوات الفتيات خلال دوراتهنّ الشهرية هي غير مسموعة لأنها مُدنّسة

ويقدّر البنك الدولي أنّ 500 مليون فتاة وامرأة على مستوى العالم لا تستطيع الوصول إلى أدوات النظافة الخاصّة بالدورة الشهرية، وهذه الظاهرة تترك أثرًا سيئًا على صحة الفتيات، وتعليمهن. واللافت أن الأمر لا يقتصر في عدم القدرة على الوصول إلى الفوط الصحية فقط، لكن في الحصول على مياه، ومنظفات لاستخدامها في الحفاظ على النظافة الشخصية، وصعوبة في الحصول على رعاية صحية مناسبة أيضًا. 

الحرب اللبنانية زادت أوضاع النازحات سوءًا

خلال الإعتداءات الإسرائيلية على لبنان في 23 أيلول/سبتمبر 2024، لم تعد المرأة تمارس حقوقها الإنسانية بكل راحةٍ، وبات من الصعب جدًا تأمين فوطها الصحية، الأمر الذي أرغمها باستبدالها بقطعٍ من القماش. لذلك، تمنت بعض النساء ألا تأتيهن الدورة الشهرية خلال فترة الحرب منعاً للإحراج.

تقول زهراء (ابنة الجنوب) وهي أم لصبيةٍ تبلغ من العمر 13 عامًا، إنّها لاقت صعوبة في تأمين الفوط الصحية لابنتها في هذه المرحلة الصعبة والحساسة لها. وتؤكد في حديثها لـ”صلة وصل” أنّ الإستخفاف لهذه الدرجة بمتطلبات إنسانية أمرٌ غير مقبولٍ من بلدٍ عرف الحرية والديمقراطية والعلم.

وتتابع: “لم أكن يومًا أتوقّع أن أتعامل مع هذا الموضوع الحساس مع ابنتي بهذه الطريقة المُخزية. بدل أن أعلمها وأفهّمها بما حصل معها من تغيرات بيولوجية ونفسية وهرمونية، وأستقبل هذه الفرحة بأفضل طريقةٍ ممكنةٍ، كنتُ أعاني من صعوبة الوصول إلى الفوط الصحية”. فاستبدلتها بالأقمشة، ما تسبب لها لاحقًا بالتهابات في المنطقة الحساسة.

“عشنا أبشع أنواع التعنيف خلال فترة الحرب وخسرنا مالنا ورزقنا ومنزلنا وحتّى أنوثتنا”

“عشنا أبشع أنواع التعنيف خلال فترة الحرب وخسرنا مالنا ورزقنا ومنزلنا وحتّى أنوثتنا.  والحرب لم تكن السبب الوحيد لوقوعنا في هذه المتاعب، إنّما الوضع الاقتصادي أيضًا جعلنا نشعر بالخيبة والحرمان. فمع بداية الأزمة، تحديدًا عام 2019، تركتُ وظيفتي بسبب الراتب الذي لم يعد يكفيني ايجار طريق، ومنذ تلك اللحظة وأنا أشعر بالحرمان”.

قصّة زهراء ليست يتيمة، بل هي قصة تعيشها آلاف الفتيات اللبنانيات المعنفات اجتماعيًا وعاطفيًا واقتصاديًا وخاصّةً في فترة الحرب.

أمّا إسراء (ابنة الضاحية الجنوبية) لن تتلقى أيّ دعم رعائي ولا ثقافي ولا صحي ولا قدرة مالية لتشتري الفوط الصحية. فلم تقم بأي إجراءات صحية ولم تأخذ المسكنات. لم تكن تعلم إسراء أنّها ستعاني من أوجاع جسدية واكتئاب أحيانًا ومنذ الساعة الأولى لم تكن جاهزة للتعامل مع دورتها. والأولويات دائمًا تكمن في المأكل والمشرب والمنامة. 

“أمّا عن احتياجاتنا النسائية وتأمين المستلزمات النسائية والصحية والمسكنات والغذاء فكانت استثنائية. نزحنا من الضاحية، متوجهين إلى ثانوية في بيروت تحديدًا في منطقة الدكوانة، على اعتبارها منطقة آمنة. وعشنا نحن النساء هذه الحرب بأصعب تفاصيلها. كنّا نحتاج الوصول الدائم إلى المرحاض وهو أمر حرمنا منه، في ظل الازدحام على الحمامات المشتركة”، تقول إسراء، تضطر المرأة إلى تغيير الفوطة لمرة واحدة في اليوم، ما يؤثر على نفسيتها ويزيد من نسبة حدوث الالتهابات والفطريات في المنطقة الحساسة.

تأثيرات الحرب السلبية على النساء

تحذّر منظمة الصحة العالمية من تأثيرات الحرب السلبية على النساء. وفي حديثها، تشير د. ماري ناصيف الدبس رئيسة جمعية “مساواة”، إلى أنّ المرأة في لبنان لا تزال مهمّشة، انطلاقًا من محتوى قوانين الأحوال الشخصية الطائفية في كل فروع الإنتاج، كما في الثقافة والتكنولوجيا والمالية.

وموقف قوانين الأحوال الشخصية تلك هي التي ساهمت في منع تطور دورها على الصعيد السياسي، إذ أنّ عدد النّساء المحدود في المجلس النيابي والحكومة يخفّف من إمكانية وضع سياسات صحيحة في مجالات الحياة كافة، بما فيها الصحة الإنجابية، كما أنّ الحركة النسائية المناضلة التي لا تزال ضعيفة وغير موحدة. 

كل ذلك يدفع بنا باتجاه العمل على مستويين: المستوى الأول العمل مع قواعد النساء من أجل تشكيل حركة جماهيرية لها تأثيرها الواضح. والمستوى الثاني، سياسي-إعلامي يرتكز على وضع التوعية إلى جانب القانون في كل مجالات الحياة، وخاصة ما يتعلق بالصحة.

وتؤكد أنّ الجمعيات النسائية ساعدت النساء النازحات ولكن ليس بالجهد المطلوب بسبب الإمكانيات المادية المحدودة. ونتابع اليوم حملاتنا بالتركيز على شراء وتوزيع الألبسة الدافئة الضرورية في فصل الشتاء. 

نسبة اللواتي حصلن على المساعدة لا تتجاز الـ30%

تلفت الدبس في حديثها لصلة وصل إلى أنّ عدد النازحات اللواتي تواجدن في مراكز إيواء عامة شكّلن أقل من 50% من العدد الإجمالي الذي قارب المليون لبناني/ة. أمّا نسبة اللواتي حصلن على مساعدة فعلية وكافية لا تتجاوز الـ30%”.

Subscribe
Notify of
guest
0 تعليقات
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments

مقالات ذات صلة:

اشترك في نشرتنا الشهرية

تابعونا ليصلكم/ن كل جديد!

انضموا إلى قناتنا على الواتساب لنشارككم أبرز المقالات والتحقيقات بالإضافة الى فرص تدريبية معمقة في عالم الصحافة والإعلام.

هل تريد تجربة أفضل؟

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربة التصفح وتحليل حركة المرور وتقديم محتوى مخصص. يمكنك إدارة تفضيلاتك في أي وقت.

ملفات تعريف الارتباط الضرورية

ضرورية لعمل الموقع بشكل صحيح. لا يمكن تعطيلها.

ملفات تعريف الارتباط للتتبع

تُستخدم لمساعدتنا في تحسين تجربتك من خلال التحليلات والمحتوى المخصص.

0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x