مهمتنا تبدأ وتمضي بكم/ ن

التمثيل الكردي في سوريا الجديدة

اشترك في

النشرة البريدية الأسبوعية: 

تم الاشتراك في النشرة بنجاح تم حدوث خطأ غير متوقع

تبعنا علي

وسائل التواصل الاجتماعي

تم حفظ المقال في المفضلة
تم نسخ الرابط بنجاح!
الجمعة 20 ديسمبر 20248:33 م

تعيش سوريا حاليًا محطة تاريخية مهمة بعد 13 عاماً من قمع سلطة الأسد لشعبه بعد الرفض الجماهيري الهائل له، و الذي أدى إلى سقوط الأسد الابن بتاريخ 8 ديسمبر/ كانون الأول 2024، مما يضع الشعب السوري عمومًا والكرد خصوصًا أمام مرحلة حسّاسة جدًا خلال الفترة الانتقالية، الأمر الذي يشكل لدى الكرد مخاوف جمّة والعديد من الاستفهامات حول مشاركتهم/ن في العملية الانتقالية لبناء سوريا الجديدة باعتباره مكون وجزء من النسيج السّوري.

يذكر أن الكرد كانوا يتعرضون للممارسات القمعية والتهميشية من قبل النظام  السّوري السابق منذ عقود طويلة حتّى اللحظات الأخيرة لسقوط النظام، إذ إنّ الظروف المعيشية الصعبة وإقصائهم من ممارسة حياتهم المدنية والسياسية والثقافية كما يريدون خلق شرخًا كبيرًا بينهم وبين الدولة السّورية الّتي كانت تسعى جاهدةً لإضعاف تطلعات المشهد الكردي. ومن أهمها الهُويّة واللّغة الكرديّة، ولكن بعد اندلاع الثورة السورية عام 2011 برز الكرد _والذين كانت تتهمهم سوريا وإلى الآن بالانفصاليين_ في مناطقهم (الحسكة – قامشلو – كوباني – عفرين).

يذكر أن الكرد كانوا يتعرضون للممارسات القمعية والتهميشية من قبل النظام  السّوري السابق منذ عقود طويلة حتّى اللحظات الأخيرة لسقوط النظام

في ظل إدارة ذاتية تحكمهم لم يكن هدفها الانفصال عن سوريا بل المحافظة على الوحدة السورية على كامل جغرافيتها بما يناقض التقسيم، إلا أنّه وبالتزامن مع سقوط المنظومة الأسدية تشكلت لدى الكرد مخاوف كثيرة إزاء إبعادهم عن المشاركة في العملية السياسية الجديدة في البلاد وغياب الاعتراف الدستوري بوجودهم  وبالتالي خسارة استحقاقاتهم ومكتسباتهم رغم انفتاحهم الكبير على السلطة الجديدة في دمشق بما تحمله من مستجدات وغموض. 

المرحلة الانتقالية في دمشق

يقول الدكتور زيدون الزعبي، الباحث في قضايا الهوية والحوكمة في سياق المرحلة الانتقالية إنه:” ستكون لدينا بدايةً مراحل انتقالية وليست مرحلة انتقالية واحدة فقط، وستكون المرحلة الانتقالية الأولى هي الأصعب والتي تتمحور حول استتباب الأمن على مدار ثلاثة شهور، وأظن أنها لن تخوض أية تمثيلات وإنّما من الممكن عقد اتفاقيات جزئية تشمل استقرار البلاد وضمان الأمن، والمرحلة التي تليها تعتمد على كيفية توافق الكتل الاجتماعية دون استثناء بصورة أساسية وربما أيضا السياسية مع السلطة الجديدة في دمشق”.

تحديات إشراك الكرد في المرحلة الانتقالية

ويوضح الزعبي بخصوص التحديات التي يواجهها الكرد في سوريا في خضم المرحلة الانتقالية أنه:” من أكبر التحديات هي إيصال مطالبهم إلى طاولة القرار بدمشق والحوار بشأن تمثيل كردي حقيقي في الحكومة السورية الجديدة، إضافةً إلى عملية التسليم بشكل آمن على اعتبار أنهم الآن خارج الدولة وبالتالي مسألة دخولهم في الدولة هي المسالة الأساسية حاليًا”، مضيفًا أنّ: “هناك فرصة على ما أعتقد لحضورهم في عمليات الحوار المقبلة”.

ومن جانبها تشير ستير قاسم، رئيسة الهيئة الإدارية لشبكة قائدات السلام في شمال شرق سوريا، إلى السيناريو المحتمَل من قبل الدولة التركية تجاه الكرد في سوريا ولاسيما على الشريط الحدودي قائلةً :”جميع الاحتمالات مفتوحة لتدخُّل تركيا في الشأن السوري الآن كما تدخُّلها في الأزمة السورية عام 2016 والتي قلبت الموازين باحتلالها مناطق عدة وبشكل ممنهَج بدءًا من أعزاز ومن ثم باب وعفرين وكري سبي وسري كانيه بحجة تأمين منطقة آمنة، ولكن هدفها الأساسي دائمًا هو محاربة الكرد ومشروع الإدارة الذاتية القائم حاليًا”.

يعني ذلك، وفق ستير، أن تركيا ستحاول الاستمرار في توجهها وتهديداتها للمنطقة دائمًا، والدليل على ذلك هجومها على المهجرين من عفرين والشهباء يوم تحرير سوريا بعد سقوط بشار الأسد، وطردهم من مخيمات النزوح ممّا أدى إلى موجة نزوح كبيرة باتجاه مناطق شمال وشرق سوريا.

جميع الاحتمالات مفتوحة لتدخُّل تركيا في الشأن السوري الآن كما تدخُّلها في الأزمة السورية عام 2016

تضيف ستير أن :”تركيا حتى الآن لم تغير سياستها تجاه الكرد، وستحاول بشتى الوسائل التعاون مع أي كيان سياسي سوري جديد والسلطة الحالية في دمشق لمنعها التعامل مع الكرد والقضاء على وجودهم رغم أنهم شعب صاحب قضية ويجب أن يتمتع بكامل حقوقه المشروعة”.

ولعلَّ التحدي الأكبر الذي سيواجهه الكرد خلال المرحلة الانتقالية هو حالة التشرذم  الكبيرة داخل الحركة السياسية الكردية وتقسيمها وتعزو ستير سبب ذلك على حد قولها للاصطفافات السياسية والارتباطات مع جهات لها أجندات خاصّة، رغم وجود محاولات جادة من بعض الأطراف الدولية لإتمام عملية الحوار الكردي – الكردي التي بدأت عام 2021 وقد توقفت لعدم رغبة بعض الأطراف لإتمام هذه العملية وغياب تهيئة الظروف المناسبة من الجانب الآخر، مشيدةً بالرغبة الشعبية العارمة قائلةً إنها:” آليات ضغط ليست بممنهَجة وإنما نداءات ودعوات مرتبطة عاطفيًا بالشعب الكردي لاستكمال عملية توحيد الصف الكردي لتكون بذلك ورقة قوية في التفاوض والبدء بإنشاء علاقات جيدة مع السلطة الموجودة بدمشق” .

تؤكد ستير على الدور الفاعل للنساء أنه:” من واجبنا كنساء كرديات أن نكون جزءًا  من الجهات الضاغطة للوصول إلى الهدف المشترك، وهو إبعاد المنطقة وتجنيبها الكوارث والحفاظ على حوامل السلم الأهلي الموجودة في المنطقة، والتي استطاعت وباستمرار النأي إلى حد كبير عن الصراعات الدائرة في الجغرافية السورية جميعها”.

وتأمل ستير أن يكون للكرد موقفًا موحدًا رغم المشهد الكردي غير المشجع  إطلاقًا، على أمل أن يكونوا صمام الأمان للطيف الواسع الموجود في مناطق شمال وشرق سوريا على وجه الخصوص، على حد تعبيرها.

مطالب الكرد في سوريا ما بعد الأسد

 يقول نواف خليل، مدير المركز الكردي للدراسات، إنَّ:” مطالب الكرد كانت واضحة قبل سقوط الأسد وبعده على حد سواء وهي الاعتراف الدستوري بهم، وأن تكون سوريا الجديدة لامركزية ديمقراطية، ودون ذلك يؤكد أن السلطات في دمشق ستحاول تكرار التجربة السابقة برمتها ولكن بصيغة أخرى وهذه المرة إسلامية”.  

يشير خليل إلى أنه :”إذا ما تم الاعتراف الدستوري بالكرد وقبول مطالبهم حينها سيكون الكرد جزءًا من سوريا ككل عبر تمثيلهم في الحكومة الجديدة وكذلك البرلمان وفي مؤسسات الدولة بأكملها عكس السابق الذي كنا عليه”.

يعني ذلك، وفق نواف، أنّه عدا ذلك لم يكن هناك قبول للاعتراف بالكرد إطلاقًا، إذ لا تمثيل في الحكومة والبرلمان والمؤسسات السيادية ووزارة الدفاع وهذا ما يعني الغياب التام للدبلوماسيين الكرد في مؤسسات الدولة السياسية والعسكرية.

يتابع خليل :”الآن هناك مطالب شعبية بتشكيل وفد كردي مشترك لتقديم المطالب الكردية للسلطة في دمشق وهذا سيكون عاملًا مساعدًا، إلا أن المسألة الأساسية تكمن في الاعتراف الدستوري من قبل الحكام الجدد في دمشق”. يرى خليل أن القضية المركزية هي رؤية الحكام الجدد في دمشق، بمعنى هل سيقبلون بسوريا ديمقراطية متعددة القوميات والإثنيات والطوائف؟، وإذا لم يتم تقديم الرؤية بهذا الاتجاه لن يكون للكرد وجود فيها.

الهجمات التركية على الكرد

منذ عام 2016 وإلى الآن لا تزال تركيا تقوم بعمليات عسكرية عدة على مناطق شمال وشرق سوريا بذريعة محاربة الإرهاب متضمنًا المقاتلين الكرد في المنطقة، والذين تعتبرهم امتدادًا لحزب العمال الكردستاني باعتباره منظمة إرهابية على حدّ قولهم للسيطرة على الشريط الحدودي بينها وبين سوريا، ولم تكتفِ تركيا بذلك إلى أن شنت هجومًا واسعًا بهدف التغيير الديموغرافي  والتطهير العرقي واحتلت منطقة عفرين الكردية عام 2018 وبعدها احتلت مناطق سري كانيه/ رأس العين و كري سبي/تل أبيض عام 2019، الأمر الذي أدى إلى تهجير السكان الكرد الأصليين من أراضيهم والاستيلاء التام على ممتلكاتهم، واستجلبت مستوطنين من مناطق سورية أخرى بهدف التغيير الديموغرافي الكلي للمناطق الكردية.

لقد كثفت تركيا هجماتها على مناطق شمال وشرق سوريا خلال عام 2023 والمستمرة إلى الآن لتحقيق مكاسب عسكرية وسياسية وتصدير أزماتها الداخلية خارج دولتها، عبر تدمير البنى التحتية من محطات للغاز والمياه والنفط و الكهرباء ومخازن الحبوب والطرقات و السدود و المشافي والمباني، مما يشكل تهديدًا خطيرًا وبالتالي دفع الكرد للهجرة من مناطقهم و مغادرتها خوفا من هذه الهجمات.  

هل من أرضية لقبول الكرد في الحكومة السورية الجديدة؟

يذهب خليل إلى أنه :” قد فعل الكرد الكثير خلال السنوات المنصرمة وكان لهم دور بارز ضد أعتى تنظيم إرهابي وبالتالي هزيمته في آذار 2019 في مناطق شمال وشرق سوريا، الأمر الذي أدى إلى تحالف الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول الغربية معهم، بالإضافة إلى إقامتهم علاقات خارجية من خلال التواجد في الكونغرس الأمريكي وقصر الإليزيه واللقاء برؤساء دول، كما وتناولتهم الصحف العالمية حول دورهم الكبير في محاربة الإرهاب، ناهيك بانفتاحهم على التعددية في الحكم واللغات وكذلك على الصعيد المؤسساتي ومشاركة وتصدُّر المرأة على كافة الصعد، إضافةً إلى الجهود الحثيثة التي بذلوها مع قوى المعارضة السورية أيضًا، وهذا ما يشكل أرضية جيدة لقبولهم والاعتراف بهم دستوريًا في سوريا وأعتقد قد حان الوقت الآن لتثبيت حقوقهم المشروعة “.

لقد كثفت تركيا هجماتها على مناطق شمال وشرق سوريا خلال عام 2023 والمستمرة إلى الآن لتحقيق مكاسب عسكرية وسياسية وتصدير أزماتها الداخلية خارج دولتها

يستند خليل في هذا إلى القول بأنّه :”لا يزال تواصل الكرد مستمر مع الدول العربية ودول المنطقة والعالم ليتم الاعتراف الدستوري بوجودهم الذي ربما يساهم في خلق حالة من التوازن بين الشكل الجديد للحكام الجدد بمختلف جماعاته الإسلامية والسلفية والجهادية والإدارة الذاتية بمختلف مكوناتها سواء داخل شمال شرق سوريا أو في عموم سوريا”.

Subscribe
Notify of
guest
0 تعليقات
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments

مقالات ذات صلة:

اشترك في نشرتنا الشهرية

تابعونا ليصلكم/ن كل جديد!

انضموا إلى قناتنا على الواتساب لنشارككم أبرز المقالات والتحقيقات بالإضافة الى فرص تدريبية معمقة في عالم الصحافة والإعلام.

هل تريد تجربة أفضل؟

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربة التصفح وتحليل حركة المرور وتقديم محتوى مخصص. يمكنك إدارة تفضيلاتك في أي وقت.

ملفات تعريف الارتباط الضرورية

ضرورية لعمل الموقع بشكل صحيح. لا يمكن تعطيلها.

ملفات تعريف الارتباط للتتبع

تُستخدم لمساعدتنا في تحسين تجربتك من خلال التحليلات والمحتوى المخصص.

0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x