اعتادت عائلة أبو رامي، شأنها شأن العائلات الأخرى أن تقصد الشاطئ الرملي في صور عند حلول فصل الصّيف، ولكن المفاجأة الصادمة أمام هذه العائلات، وعند الوصول إلى المكان المعتاد في المساحة المتبقية جانب آخر خيمة بحرية، شيد سياج من الشبك المصنوع من الحديد ولا يمكن الدخول عبر أيَّة زاوية أو مكان منه للوصول إلى الشاطئ الرملي العام. يقول ابو رامي: “السياج يمتد على مساحة واسعة، ولا أجدُ ممرًّا للعبور لأصل إلى الشاطئ، فلماذا وُضِع السياج؟ ” ويضيف: “إن ما كُتِبَ عليه لا يمكن أن يبيّن سبب وجوده”. أسئلة مماثلة طرحها مواطنون آخرون أمام السياج حول نفس المضمون، وقد استنكر البعض، وأشار منهم إلى إمكانيّة وجود مشروع ما. كما طُرِحَتْ أيضًا فكرة إمكانيَّة وجود ما يجب حمايته داخل هذه المساحة المحميّة.
ماذا خلف السياج
لقد توجهت صِلَة وصل بسؤالها لنائب رئيس بلدية صور صلاح صبراوي، وأتت الإجابة بأنَّ في الداخل محميّة على الشاطئ الرملي حيث وجود السياج، أما مدير المحميّة الدكتور علي بدر الدين أكّد بدوره أنَّه لا وجود لمشروع أو برنامج حسب ما يتم تداوله بل هناك فقط محميَّة أي منطقة حماية خاصة في البحر الأبيض المتوسط للسلاحف مصنَّفة ذات أهميّة خاصة SPAMI
يقول بدر الدين: “منذ 2012، وقد صُنِّفنا “كمحميّة صور الطبيعيّة” من قبل المركز الإقليميّ لمراقبة أنشطة المحميّات الطبيعية في المتوسط ،IBA لدينا أيضًا محميّة منطقة الطيور الهامة ُ
تعتبر ذات أهمية بالنسبة إلى المناطق الرطبة، وهي تُشكل منطقة مهمة للطيور المهاجرة بالإضافة إلى برك رأس العين، وهي مصنّفة من قبل وزارة السياحة كتراث وطني وما نقوم به من نشاطات في هذه المحميّة مرتبط بالمحافظة على هذه التصنيفات”، ويضيف “إنَّ كلّ نشاط له علاقة بالسلاحف البحريّة على طول الشاطئ اللبنانيّ كحركة السلاحف ونشاطها… هو من مسؤوليتنا حسب وزارة البيئة “ويضيف:” أن الناس ما زالت تستطيع زيارة الشاطىء حتى إنها اليوم تقصد مكان داخل السياج وكأنه لا يوجد سياج”
محميّة محميّة بسياج
أما بالنسبة للقانون الذي يفترض وجوده لإنشاء هذه المحميّة، يجيب الدكتور بدر الدين أن المحميّة أُنْشِئْت حسب القانون 708/1998، والسياج الموضوع يحيط بقسم من هذه المحميّة أيّ المنطقة العلميّة حيث القيام ببعض الدراسات المتعلقة بالأنظمة البيئية والتنوّع البيولوجيّ البحريّ والبريّ.
ويقول بدر الدين:”السياج وضع بعد أخذ الأذن من وزارة البيئة والأشغال العامة ووزارة الداخلية وهو لتحقيق التوازن البيئيّ خاصة أن لدينا مركزاً لرعاية السلاحف البحريّة، وأنّ هدفنا إقامة التوازن بين الطبيعة والإنسان مما يحتم علينا إقفال هذه المنطقة بهذا السياج”.
لكن المحميّة تمتد إلى مسافة بعيدة عن مكان السياج ومدى قدرة المواطن من ارتياد الشاطئ في هذه المنطقة. يؤكد بدر الدين أنّ القانون 708/1998 قد قسّم المحميّة إلى ثلاثة أقسام بالإضافة إلى المنطقة العلميّة المذكورة، وأن هناك أيضا منطقة سياحيّة مفتوحة للعموم، ويمكن بالتالي الدخول إليّها، هذا بالإضافة إلى القسم الثالث من المحميّة، وهي المنطقة الزراعيّة والمعروفة بوجود ما يسمّى “برك رأس العين”، وهي عائدة للتاريخ الرومانيّ الفينيقيّ والعثمانيّ، ولها أهميّة في توفير منبع مياه حلوة من تحت الأرض طبيعيًّا، وتحت الضغط الطبيعيّ، ويغذّي كثير من بلديّات صور بالإضافة إلى الأراضي الزراعيّة.
إن إعادة النظر بالطريقة التي تنظم بها الخيم على الشاطىء مهم لافساح المجال امام المواطنين الذين يريدون إيجاد مكان للوصول والجلوس على الشاطىء. إن ضيق المساحة التي سببها السياج دفعت الناس لتخطيه والدخول الى المكان التي تعمل إدارة المحمية على المحافظة عليه
المحميّة ودور البلديّات
يقول بدر الدين: “أنه وموجب القانون فإن البلدية يمكنها الاستثمار و لدينا ٣٥ % من العائدات تعود للمحمية تؤمن عمل لاعداد كبيرة من . المواطنين.اننا نفرض بعض القوانين فيما يتعلق بالخيم كمنع الإضاءة والتلوث، لكي نحافظ على التنوع البيولوجي”
ويضيف :”في كل سنة ناخذ موافقة من وزارة البيئة بعد تقديم اوراقنا ل٤٩ خيمة إضافة إلى خيمتين متعلقتين بموضوع الإنقاذ. نحن نتبع القانون ورئيس بلدية صور حريص على ذلك أيضا. لدينا مركز توعيّة، وقد أطلقنا منذ فترة موسم السلاحف البحريّة التي نراها في هذه الفترة موجودة على الشاطئ لأنه شاطئ رمليّ ومعروف أن شاطئ صور هو أطول شاطئ رمليّ في لبنان (الشاطئ الرملي نسبة 20% من الشاطئ اللبنانيّ أما بالنسبة المتبقيّة فهي عائدة للشاطئ الصخري) والمعروف عندنا أنّنا نقوم باشراك المجتمع المحلي كتعاونيّة الصيادين وتعاونيّة المزارعين، وأصحاب الْخِيَم والمطاعم والفنادق والبلديات، والمشاركة لتطوير الخطة الإداريّة الممتدة من 2023، حتى 2028.”
تقام أيضا نشطات توعيّة مع المدارس. ويتم التعاون مع البلديّة عبر الحرص على تطبيق القوانين على الأرض. ويضيف بدر الدين: “إن الخيم وضعت هذه السنة في وقت مبكر مقارنة بالسنة الماضيّة، وهو أمر عائد لإصرار البلديّة.”
وفي حديث لصلة وصل مع المحامي علي عباس حول موضوع دور البلديّة ومدى صلاحيتها في القيام بهذا الدور ، أشار أنّه وحسب قانون البلديّات فإنّ البلديّة تستطيع دعم ومساعدة وحماية المحميّات الطبيعيّة داخل نطاق البلدي لها، وهنا بالتنسيق مع إدارة المحميّة الموجودة لمنع أيّة عمليّة تشمل أو تشكّل خطرًا على المحميّة الطبيعيّة. لذلك يمكن القول أنّ استعانة المحميّة بالبلديّة يستند إلى قانون البلديّة، وحيث أنّه، ومن مهام رئيس البلدية السهر على حماية البيئة. فكيف إذا كان الأمر مرتبطاً بمحميّة طبيعيّة، فتكون الاستعانة بشرطة البلدية أمر طبيعيّ، ويضيف المحامي علي عباس أنّ قانون البلديّات1977 يشير إلى اختصاص رئيس البلديّة كسلطة تنفيذيّة في القيام بهذا الدور.
ضيق الشاطئ وسخط المواطنين
يستنكر الكثيرون من المواطنين في صور من الازدحام الكبير الذي سينفجر على الشاطئ هذه السنة. حيث إن شاطئ صور الرملي يشكل متنفسا مهم في أوقات الحر الشديد مما قد يمنع الناس من ارتياده نظرا إلى ضيق المساحة أو الاضطرار إلى استئجار طاولة من الخيم البحرية الموجودة، وهذا ما قد يكون صعبا على ذوي الدخل المحدود نظرا إلى غلاء الأسعار.
ويشير محمد أيوب مدير جمعية نحن، إلى أن الضيق في المساحة عائد لسببين أولهما النزوح، أما السبب الثاني فهو التعديات الحاصلة على الأملاك العامة البحرية التي يجب إزالتها لكي يتوزع الضغط على أماكن أخرى من الشاطئ فيخف الضغط على شاطىء صور.
أما في موضوع إدارة التنوع البيولوجي للمحمية يقول أيوب، أنه يتم بالتعاون أحيانا مع إحدى الجامعات، ولا مشكلة حوله.
أما فيما يتعلق بموضوع الخيم الممتدة على الشاطئ الذي يعتبر أيضا ضمن المحمية، فيضيف:”إنها في الأساس لم تحصل على إذن من وزارة الأشغال العامة، والأرجح أن هذه الخيم هي مخالفة لنظام المحمية”.
وبغض النظر عن أحقية حماية المحمية الطبيعية، إن إعادة النظر بالطريقة التي تنظم بها الخيم على الشاطىء مهم لافساح المجال امام المواطنين الذين يريدون إيجاد مكان للوصول والجلوس على الشاطىء. إن ضيق المساحة التي سببها السياج دفعت الناس لتخطيه والدخول الى المكان التي تعمل إدارة المحمية على المحافظة عليه. وهنا يثار تساؤل مشروع، إن المنطقة الموضوعة فيها الخيم البحرية هي جزء من المحمية أيضا، لكن مساحة امتدادها لا تسمح لمتنفس عام للناس للجلوس فيه بعد إغلاق ما تبقى من المساحة بالسياج.