تحت الماء وعلى الشاطئ: تحديات الأمان في شاطئ صور

تقصد العائلات اللبنانية الشاطئ اللبناني في فصل الصيف، ومنها عائلة أبو سامر، حيث يمارس الأب رياضة الغوص والسباحة في بحر صور. يقول أبو سامر: “أحرصُ دائمًا على توخي الحذر عند ممارسة هوايتي هذه خصوصا على شاطئ الجمل، أي الشاطئ الصخري في مدينة صور حيث لا وجود لأي نوع من الإرشادات أو مراكز المراقبة”. عائلات أخرى تقصد شاطئ الرمل، حيث يلاحظ أحيانا ظاهرة ترك الأولاد على الشاطئ أو على مسافة عدة أمتار اعتقادًا من ذويهم أن السباحة بالقرب من الشاطئ هي آمنة، خاصة عندما يكون الشاطئ رملي إلا أن الآونة الأخيرة أي قبل الخامس عشر من أيار موعد بدء موسم البحر، سجلت حالات وفاة، بسبب الغرق، فما سبب ازدياد هذه الحالات. هل هي عائده إلى معايير السلامة التي يفترض توفرها على الشاطئ، أم أن الأمر عائد إلى طبيعة الشاطئ

طبيعة شاطئ صور

يعد شاطىء صور من الشواطئ الأكثر نظافة، وينقسم بين شاطئ رملي يقصده عددًا كبيرة من الأشخاص وآخر صخري يقصده بوجهٍ عام من يريد ممارسة رياضة الغوص خاصة وأن أعماقه تمتاز بوجود أنواع مختلفة من الأسماك وسلاحف بحرية تجذب الغواصين.
أما عن الأخطار التي تحيط بالشاطئ بنوعيه الصخري والرملي، كان لصلة وصل حديث مع رئيس مركز الدفاع المدني في صور علي صفي الدين الذي أشار إلى أن الكثير من الناس لا تدرك أن الأخطار التي تحيط بالشاطئ الرملي هي أكثر من تلك المحيطة بالشاطئ الصخري. يقول صفي الدين: “نحن ننزل إلى الشاطئ، ونتحدث مع الناس، وننشر التوعية لديهم إذ إنَّ وجود حفر على الشاطئ الرملي، وحيث يكون البحر كبيراً يحمل خطورة فننصح الناس بعدم السباحة، ولو على أمتار من الشاطئ لأن التيار إن حصل يمكنه سحبهم حتى من تلك المسافة القريبة. ورغم حملات التوعية من قبلنا فإن هناك جزء من الناس لا يستمع إلى إرشاداتنا، وهي تشكل إحدى الصعوبات . التي نواجهها في أثناء قيامنا بمهامنا”، ويضيف: “من بين الأمور الذي يفترض بالناس معرفتها هي عدم جواز مقاومة التيار عند حدوثه”.

يقول أبو سامر: “أحرصُ دائمًا على توخي الحذر عند ممارسة هواية رياضة الغوص خصوصا على شاطئ الجمل، أي الشاطئ الصخري في مدينة صور حيث لا وجود لأي نوع من الإرشادات أو مراكز المراقبة”.

السلامة العامة على شاطئ صور

يعتبر صفي الدين أن السلامة العامة على شواطئ صور متوفرة عبر الدفاع المدني وعبر البلدية. ويقول:”لدينا فرق إنقاذ ولدينا إرشادات ومراكزنا مفتوحة 24 ساعة عبر رقمنا، وهو 125 حيث نستجيب لدى حصول أية حالة تستدعي تدخلنا. أيضًا لدينا خطة تعزيزات بالإنشـاءات الموجودة لدى الدفاع المدني ووحدة الإنقاذ البحري. وهي أيضا موجودة في البحر مع عناصر موجودين على الشاطئ، ويتم ذلك بتنسيق تام ودائم مع بلدية صور”.

فيما أشار نائب رئيس بلدية صور صلاح صبراوي إلى أن البلدية منذ عام 2010 تحرص على إعطاء هذا الموضوع الكثير من الاهتمام حيث إن الشاطئ له أهمية كبيرة في تأمين مدخول جيد للبلدية، وفي خلق فرص عمل للشباب للعمل مع البلدية في موسم الصيف وتولي البلدية اهتمامها لموضوع توفر معايير السلامة العامة على الشاطئ. ويقول صبراوي: “في الأسبوع القادم سوف يصبح البحر جاهزًا، ونبدأ بتركيب الخيم، ويستعد الشباب لمهماتهم والأهم هنا موضوع الإنقاذ البحري إذ لدينا بين 20-22 منقذاً، مدربين، السباحون ورياضيون”. ويضيف: “لقد قمنا بإعطاء الدفاع المدني والصليب الأحمر مركز ثابت على الشاطئ، كما لدينا ممر للطوارئ تمر منه سيارة الإسعاف لتلبية إيصال المصاب أو الغريق إلى المستشفى في أقرب وقت ممكن. “
ويشير صبراوي إلى وجود أبراج لمراقبة حركة السباحين، وإلى استخدام أعلام خضراء، وذلك للدلالة على أن البحر هادئ حيث لا مشكلة في النزول إلى المياه، وأعلام تحمل اللون الأصفر أو البرتقالي، وفيه يسمح بالنزول، ولكن الأولاد لا يمكنهم ذلك بمفردهم. أما الأعلام الحمراء فهي تشير إلى أن البحر عالٍ وخطير. وهنا يشير بالقول: “إنَّ دورياتنا وشبابنا يمنعون أيا كان بالنزول إلى البحر في هذه الحالة.”

حالات الغرق الأخيرة

وبحسب الحالات التي سجلها مركز الدفاع المدني في صور يتبين أن خلال عام 2023 حصلت حالة وفاة واحدة أي قبل بداية الموسم وقبل 15 أيار، وأُنْقِذ عدد كبير من الغرقى.
بينما المعطيات الموجودة لدى بلدية صور تشير إلى وجود 3 حالات وفاة قبل 15 أيار الحالي 2024، وهو موعد بداية موسم الصيف الذي يستمر عادة، وفي كل سنة حتى أواخر شهر أيلول.

أما بحسب المعلومات التي حصلت عليها صلة وصل من الصليب الاحمر اللبناني، فبين عامي ٢٠٢٢ و٢٠٢٣، تراوحت الحالات بين استدعاء للنقل إلى المستشفى وأخرى تمت معالجتها فور حدوثها على الشاطىء، مما يعني أن هناك مخاطر يفترض التنبه لها قبل ارتياد الشاطىء.
ويشير نائب رئيس بلدية صور مجددا إلى أن البلدية، ولا سيما بعد حالات الغرق الأخيرة، أخذت ترسل دوريات لمنع الناس من النزول إلى البحر، ولكن بالتأكيد هذا المنع قد لا تكون له نفس الأهمية مقارنة بوضع الشاطئ مع بداية الموسم حيث يمسك الشباب الذين يتولون مهمة الإنقاذ البحري مهامهم على الشاطئ مما يمنع حدوث حالات وفاة كالتي عرفناها قبل 15 أيار 2024.

مستجدات تحتم التوعية السريعة

وفيما يتعلق بوجود أعداد كبيرة من النازحين في صور، وعلى مسافة قريبة من البحر مما يحتم التوعية لأخطاره. ويشير رئيس مركز الدفاع المدني في صورعلي صفي الدين إلى حديث قد أجراه منذ يومين مع مسؤول إدارة الكوارث في صور مرتضى مهنا حيث يتم التنسيق للقيام بحملة توعية تستهدف أعداد من النازحين موجودين في المدارس القريبة جدًّا من البحر، ولا منفذ لديها سواه. ويضيف: “التنسيق مع إدارة الكوارث ضروري لأنها تضم جمعيات محلية والصليب الأحمر اللبناني”.


إن موضوع توفر معايير السلامة وحده لا يكفي، دون أن يعي المواطن وبمسؤولية إن ارتياد البحر ترافقه كثير من الأخطار التي يفترض علمه بها قبل ارتياد البحر. كما يجب على الجهات المختصة والمسؤولة توفير الحماية في كل الأوقات حتى قبل بدء الموسم. ففي ذلك ضمانة أن هناك منقذين ومراقبين يقومون بالمساعدة في حالات الغرق أو حالات أخرى كوجود قناديل أو غيرها من الأخطار محتملة الحدوث.