مهمتنا تبدأ وتمضي بكم/ ن

لماذا يغض العالم الطرف عن مأساة السودان؟

اشترك في

النشرة البريدية الأسبوعية: 

تم الاشتراك في النشرة بنجاح تم حدوث خطأ غير متوقع

تبعنا علي

وسائل التواصل الاجتماعي

تم حفظ المقال في المفضلة
تم نسخ الرابط بنجاح!
الإثنين 27 نوفمبر 20232:06 م

يومًا بعد يوم، تتعمق الأزمة في السودان، لكنها تترك ندوبًا بالغة التأثير في نفوس وأجساد سكان البلد الإفريقي العربي الذي غضّ العالم الطرف عن مأساته، وانشغل بمآسي أخرى لا تقل وعورة.

بنظرة سريعة إلى الشارع السوداني، ستجد مشاهد مروعة خلّفها قتال الحرب الأهلية الدائرة رُحاها منذ أكثر من سبعة أشهر، بين القوات المسلحة السودانية -الجيش الرسمي للبلاد- وقوات الدعم السريع، وهي حرب أدت إلى تسوية أجزاء من العاصمة بالأرض، وأزهقت أرواح الآلاف، وتركت آخرين مشردين ولا يكادون يجدون أبسط مقومات الحياة.. كل هذا والعالم “متكاسل” عن مد يد العون لهم.

التقارير الإعلامية ترصد هدوءًا نسبيًا أعقب قتالًا اندلع لمدة ثلاثة أيام في مخيم للاجئين في دارفور، بين رجال الإبادة من “الدعم السريع” العربي، وأفراد عرقية “المساليت” الإفريقية، وأفضى إلى تصفية ما بين 800 و 1300 فرد من المجموعة العرقية السوداء. وتم ترك جثث القتلى في الشوارع.

إحصاءات الأمم المتحدة على موقعها الرسمي تظهر اضطرار أكثر من 6 ملايين سوداني على الفرار من منازلهم بسبب القتال الأخير، ما وصفته الأمم المتحدة بأنه “واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في التاريخ الحديث”.

لكن المشاهد الأكثر ترويعًا كانت في “الأشخاص المذعورين” المتجمعين في ما يبدو أنه “مقبرة جماعية”، أو يتعرضون للضرب على أيدي مقاتلي “الدعم السريع”، والتي تنفي بدورها هذه الاتهامات. ويبقى الاتهام بـ “التطهير العرقي” الأزمة الأولى في قائمة أزمات تعصف بالسودان، دونما تدخل من جهات التحقيق لا الإفريقية، ولا التابعة للجامعة العربية، ولا حتى الدولية.

الأزمة الثانية هي “الحرب الأهلية”، والتي تدور عجلتها الحربية بتسارع كبير في الآونة الأخيرة، وفيها تمكنت “الدعم السريع” من السيطرة على معظم أنحاء دارفور؛ في عزم أكيد على القضاء على “المساليت”، وفي سبيل الوصول إلى هذا الهدف وتحقيقه، يسقط المئات من الضحايا من المدنيين، ويعيش الآلاف في حصار خانق.

إحصاءات الأمم المتحدة على موقعها الرسمي تظهر اضطرار أكثر من 6 ملايين سوداني على الفرار من منازلهم بسبب القتال الأخير، ما وصفته الأمم المتحدة بأنه “واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في التاريخ الحديث”. كما تم إغلاق ما يقرب من ثلاثة أرباع المستشفيات والعيادات في “الخرطوم” بفعل القصف أو القتال. أما القلة التي لا تزال تعمل، فهي تعاني من نقص الغذاء والإمدادات الطبية بسبب حصار “الدعم السريع”، بحسب شهادات العاملين في منظمة “أطباء بلا حدود” الإغاثية.

المصدر: رويترز

ومع اشتداد الأزمة، وتوالي الصمت العالمي، يتضائل الأمل في موافقة أي من طرفي الصراع على قبول وقف إطلاق النار، ولا يزال كل منهما يعتقد أن لديه مكاسب يمكن أن يحققها إن استمر في القتال؛ وذلك لأن الحرب -برمتها- ليست أكثر من “مجرد صراع على السلطة المطلقة” بين الفريق أول ركن “عبد الفتاح البرهان”، قائد القوات المسلحة السودانية، والجنرال “محمد حمدان دقلو” (المعروف باسم حميدتي)، زعيم قوات الدعم السريع. واللذان تحولا من التعاون سابقًا عقب الإطاحة بنظام “البشير”، إلى محاولة كل منهما للحصول على السلطة المطلقة.

المعاناة الثالثة هي “الجوع”؛ فالحرب الأهلية دمرت اقتصاد السودان ونظامه المصرفي، وشردت سكانها وقسمتهم إلى أحزاب متنافسة بغرض السيطرة، مما أدى إلى تعطيل سلاسل التوريد، ورفع أسعار المواد الغذائية.

ونتيجة لذلك، فإن 20 مليون شخص ليس لديهم ما يكفي من الطعام، ومن بين هؤلاء، هناك ستة ملايين شخص “على وشك المجاعة”، كما أن 40% من النساء الحوامل والأمهات المرضعات على وشك المجاعة بالفعل.

ومن دون مساعدة في الأشهر المقبلة، سيتعرض عشرات الآلاف من الأشخاص لخطر المجاعة، لكن وكالات الإغاثة تواجه صعوبات في جلب الإمدادات، لا سيما وأن القوات المسلحة السودانية تحكم قبضتها المسيطرة على ميناء مدينة “بورتسودان”، مركز الاستيراد الرئيسي بالبلاد، وتمنع تدفق عمال الإغاثة والإمدادات إلى الأراضي التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع.

وبات السودان وشعبه يقبع بين “مطرقة” القوات المسلحة السودانية القادرة على تجويع السكان بإحكام سيطرتها على المنافذ الرئيسية للبلاد، وسندان قوات الدعم السريع، الفاعلة في تطهير دارفور عرقياً، وكل هذا ساهم في خلق محنة رابعة تزيد من وطأة معاناة السودان، وهي “اللامبالاة المطلقة من جانب العالم الأوسع”.

وبالملاحظة، نجد أن “الاتحاد الإفريقي” يبدو أنه “لم يتأثر بالكارثة”، ويؤثر التمسك بسياسة “عدم التدخل” في شؤون أعضائه، خاصةً وأنه اتبع نفس الأمر أثناء الأزمة في إقليم تيجراي الإثيوبي، والتي راح ضحيتها ما بين 385 ألف إلى 600 ألف شخص.

الاتحاد الإفريقي ليس المتقاعس الوحيد عن مد يد العون للسودان؛ فمجلس الأم هو الأخر يقف صامتًأ إزاء ما يحدث، ولم يعقد سوى “مشاورات غير رسمية” بهذا الشأن. ولا يرجع هذا إلى أن يديه مقيدة بمصالح استراتيجية أو انقسامات عميقة بين القوى العظمى -كما هو الحال مع أوكرانيا أو سوريا- بل بسبب الإهمال الجسيم.

القوى الفاعلة الدولية الأخرى كالولايات المتحدة الأمريكية، لا تعير سوى القليل من الاهتمام، ويرجع هذا -إلى حد كبير- إلى انشغالها بأوكرانيا، ومؤخراً بحرب غزة بين حليفتها إسرائيل والمقاومة الفلسطينية “حماس”.

وحتى دول الجوار أو الدول القريبة، جاءت مجهوداتها على استحياء، ولعل أبرز تلك المجهودات الرامية إلى التهدئة كانت “مباحثات جدة”، والتي تعرقلت هي الأخرى بسبب تعنت الأطراف في الرضا بحلول على الأرض ترفع المعاناة عن السكان، ناهيك عن تواصل أعمال العنف، وفشل محاولات إيقاف ضرب النار لدواعي إنسانية؛ لإدخال وإيصال مساعدات الإغاثة إلى المناطق المتنازع عليها في الولايات السودانية خاصة ولايتي دارفور وكردفان.

ويبقى الوضع، حتى الآن على ما هو عليه، وليس على مواطني البلاد سوى الفرار بأنفسهم من آلة الحرب الفتاكة، وانتظار ما قد تجود به منظمات الإغاثة من مساعدات غذائية أو أدوية، فقط إن سمحت القوات النظامية بإدخالها، وإن تركتها الميليشيات دون السطو عليها.

لا توجد وسوم لهذه المقالة.
Subscribe
Notify of
guest
0 تعليقات
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments

مقالات ذات صلة:

اشترك في نشرتنا الشهرية

تابعونا ليصلكم/ن كل جديد!

انضموا إلى قناتنا على الواتساب لنشارككم أبرز المقالات والتحقيقات بالإضافة الى فرص تدريبية معمقة في عالم الصحافة والإعلام.

هل تريد تجربة أفضل؟

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربة التصفح وتحليل حركة المرور وتقديم محتوى مخصص. يمكنك إدارة تفضيلاتك في أي وقت.

ملفات تعريف الارتباط الضرورية

ضرورية لعمل الموقع بشكل صحيح. لا يمكن تعطيلها.

ملفات تعريف الارتباط للتتبع

تُستخدم لمساعدتنا في تحسين تجربتك من خلال التحليلات والمحتوى المخصص.

0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x