لم يَتَوَجَّه الوافدون من الجنوب إلى مراكز الإيواء التي اعتمدتها بلدية صيدا ومحافظة الجنوب في المدينة فحسب، بل توجهت آلاف العائلات إلى منازل أصدقاء أو مضيفين بالإضافة إلى استخدام منازل مؤجرة.
في منطقة ساحة القدس في مدينة صيدا، حيث تسكن نحو 500 عائلة دائماً، نزح إليها 115 عائلة تضم 860 شخصاً، حسب الإحصاء الذي أجرته لجنة ساحة القدس، وهو إحصاء تفصيلي يتعلق بالعائلة الوافدة والعائلة المضيفة، فسكن قسم منهم عند أقارب أو أصدقاء وقسم آخر اضطر إلى استخدام شقق بالإيجار. وهذا ما دفع لجنة ساحة القدس للتدخل مع بعض المالكين لخفض إيجارات المنازل، وتم التوافق مع بعض أصحاب الشقق على خفض نحو 25% من بدلات الإيجار، ويقول ح. ب وهو نازح من منطقة صور:” لا بد من شكر لجنة الحي التي استطاعت خفض بدل الإيجار، ما يسمح لنا بالبقاء فترة أطول ريثما تتوقف هذه الحرب، ونعود إلى منزلنا”.
وقدمت لجنة ساحة القدس لائحة بأسماء 18 عائلة نازحة، وتسكن بالإيجار إلى إحدى المنظمات الدولية التي وعدت بتقديم مساعدة شهرية بدل إيجار، وتتابع اللجنة الموضوع يومياً.
في منطقة ساحة القدس في مدينة صيدا، حيث تسكن نحو 500 عائلة دائماً، نزح إليها 115 عائلة تضم 860 شخصاً، حسب الإحصاء الذي أجرته لجنة ساحة القدس
ويقول رئيس اللجنة محمد العكاوي:” بعد تكاثر عدد العائلات الوافدة تدخلت اللجنة مع إدارة معهد الآفاق لإسكان أهلنا في غرف المعهد الذي استقبل 30 عائلة تضم 160 شخصاً”. وعند بداية النزوح لم يكن هناك آلية لتسجيل العائلات الوافدة التي سكنت في المنازل، في البلدية أو المحافظة.
يقول العكاوي:” بادرت لجنة الحي إلى الاتصال بجمعيات مختلفة، وقمنا بمبادرات مختلفة لتأمين مستلزمات الإقامة، ولا سيما أن كثيراً من العائلات المضيفة تعاني أصلاً الانهيار الاقتصادي، واستطعنا بعملنا الجماعي في اللجنة من تأمين مساعدات تسد بعض الاحتياجات الضرورية”. يضيف:”منذ اليوم اليوم استطعنا وعبر إحدى الجمعيات، مشكورة، تأمين 150 فرشة، 150 حراماً، 150 وسادة، 150 حصة غذائية، 150 حصة منظفات، 150 غالون مياه سعة 10 ليتر، و150 ربطة خبز. وقد تكررت هذه المساعدات من ذات الجهة ثلاث مرات خلال أسبوعين، واستطعنا من خلال ذلك تأمين الحد الأدنى المطلوب لتلبية احتياجات أهلنا الوافدين”.
لا يقف الأمر عند هذه الحدود، إذ يوضح العكاوي:” كما استطعنا، ومن خلال جمعيات أخرى تأمين كميات مماثلة من مستلزمات الإقامة والمواد الغذائية والنظافة”.
وعند سؤاله عن معهد الآفاق، يجيب العكاوي:” لقد اضطررنا لاعتماده مركزاً للإيواء، وجرى تجهيزه وتأمين مستلزمات الإقامة كما وُفِّر حصص غذائية وحصص للنظافة للعائلات المقيمة فيه”.
ويذكر العكاوي “إنَّ النائب د. أسامة سعد قد زار الحي منذ فترة، ورافقه أحد الناشطين الذي استمع للجهد الذي تبذله اللجنة، وهذا ما دفعه إلى تأمين 100 حصة غذائية للعائلات الوافدة. ثم إنَّ إحدى الجمعيات بصدد تجهيز مطبخ وتسليم إدارته لأحد أفراد اللجنة، وسيكون بإمكانه تجهيز 200 وجبة ساخنة يومياً. وقد طلب أحد المسؤولين في إحدى المبادرات لائحة بأسماء العائلات كي يتم تأمين مساعدات لها بالتدريج”.
كيف حصل هذا النجاح، وهل هو ابن اليوم؟
الجواب عند العكاوي الذي يشرحه بالقول:” لدينا في الحي لجنة مؤلفة من عشرة أشخاص، ست نساء وأربعة رجال، وقد جرى تشكيلها منذ تسعة أعوام، وهي تهتم بأوضاع الحي، ولدينا إحصاء شامل لأوضاع العائلات المقيمة، وفي الحي نحو 80 عائلة متعففة، ونحن نقدم لها مساعدات في شهر رمضان من كل عام لمساعدتها في الشهر المبارك، ثم إنَّنا نقدم إلى هذه العائلات حصص غذائية وغيرها مما نحصل عليه لمساعدة أهلنا الوافدين، وحتماً نحاول مساعدة أصحاب العائلات المضيفة أيضاً، ولا يقتصر دور اللجنة على ذلك، فقد بادرنا وخلال العامين الماضيين، ومنذ أزمة جمع النفايات ونقلها، إلى اعتماد وسائل مختلفة للمحافظة على نظافة الحي وإنارته دائماً، وتجدر الإشارة أن اللجنة تقوم بكنس شوارع الحي، وتمنع رمي النفايات عند مدخل البنايات، وتساعد على تقديم الحلول للمشكلات التي تواجه أهالي الحي، ولدينا لائحة بأسماء عدد كبير من العائلات التي تسهم شهرياً بمبلغ مالي لدفع التكاليف المترتبة على جمع النفايات وتنظيف الحي وكنس الشوارع”.
يختم العكاوي حديثه بالقول:” أن سقف عمل اللجنة هو مساعدة أهالي الحي والمحافظة على نظافته وتقديم العون للجميع، ويدنا ممدودة لكل من يريد المساعدة، وأهم شيء في عملنا هو الشفافية التي نعتمدها في كل أعمالنا”. يبدو أن الوضع العام في البلد يفرض على كل المهتمين بالأحياء المبادرة إلى تشكيل مثل هذه اللجان لتكون الأساس لعمل بلدي عام.
