مهمتنا تبدأ وتمضي بكم/ ن

عن الله وهوكينز ومحدودية الإعلام العربي

اشترك في

النشرة البريدية الأسبوعية: 

تم الاشتراك في النشرة بنجاح تم حدوث خطأ غير متوقع

تبعنا علي

وسائل التواصل الاجتماعي

تم حفظ المقال في المفضلة
تم نسخ الرابط بنجاح!
17/03/20241:56 م

في مثل هذا اليوم لخمس سنوات مضت غادرنا إلى الأبد عالم الفيزياء المرموق والكوزمولوجيست العالمي الخلّاق ستيفن هوكينز بعد أن قضى معظم حياته العلمية مُقعداً على كرسي متحرك،  بشلل كامل ولا يتكلم إلا بواسطة جهاز كومبيوتر.

أنجزهوكنز أبحاثا علمية بارزة في علم فيزياء الكون وخصوصاً علم الثقوب السوداء حيث أماط اللثام عن كثير من أسرارها.

غادرنا هوكينزوعيناه الحالمتان تتوسل أعمق خفايا الكون ليروي بنوريهما أعقد ما رأت من أسرار مهدت لمفاتيح أسئلة علمية طرقها هوكينز دائماً  بإجوبة غير مسبوقة،  فتحت أفاقاً جديده للبحث العلمي. على الرغم من مرضه الذي حيّر الأطباء، أعطوه فتره سنتين فقط ليعيش، لكنه فاجأهم بحياة طويلة جداً كرسها، على الرغم من  شلله الكلي، للعلم والبحث.

عادت روحه سالمة إلى باريها في مثل هذا اليوم لخمس سنوات مضت لتقف أمام الرب بقدرة إستثنائية هزم بها مرضه وهو يبحث برؤية علمية فاضت من شلله التام لتؤجج في رجاحة عقله ما عوض عجزه الجسدي، رواها بكثير من الصلابة العلمية وخصصها للمجتمع العلمي.

فعل ذلك بقدر ما سمحت له المعطيات العلمية المتاحة وهو يستمع لأصوات العلم التي تهدر في وعيه وهو يطرق أصوات عصر الذرّة وتكنولوجيا الناتو. فعل كل ذلك متعمقاً بإيقاع توسع الكوزموس وهو ينبض بتاريخ العلم منذ ما قبل لحظة ما يسمى بالانفجار الكبير.

سارهوكينز بأفكاره على هدى صيرورة علمية كان يقارع بها الموت الذي حيّر الاطباء، سار وهو يبحث عن سر الأسرار الذي روى لنا به عقل الله كوننا هذا، لا لشيئ إلا ليختبرنا ونحن نبحر إليه عائدين عبر قرائتنا الرمزية الخاصة لكل منا وهو يرى بسر دهشة الأطفال الأولى لإتساع كونه هذا بنا وبلا محدوديته.

بدا ستيفن هوكينز منذ صدور كتابه “سيرة الزمان” وكأنه يبحث، بكثير من الجدوى والإصرار عن نفسه فينا، نحن البشر الأصحاء الذين ميزنا الله عن غيرنا من مخلوقاته الأخرى بأمانته العقلية التي زرعها داخلنا في مكان سرّي ما، زرعها خالدة ولن تموت.

ربما لن يتدخل أبداً لأجلٍ مسمى، لغايةٍ في نفسه يريد عبرها أن يرى إلى أي مدى يمكننا أن نبدع وجودنا في الكون عندما نحاول نتمثّل به رمزياً كخالق.

كأن الله يريد منا عبر ستيفن هوكينز العالم الخلاق أن نثبت له أننا نحن أبناءه البشر لن نستطيع أن نشق طريق عودتنا إليه لنحبه ونُقدِّره ونتعبّده بحق كما ينبغي إلا بالعلم والجمال. كيف؟

ربما يكون لكل منا طريقته وأسلوبه اللذان سنشرق إليه عبرهما سالمين وممتلئين بجلال ما أستودعنا عليه من قوة وحنكه وأراده وروح إبتكار لتلك الطريق التي سنسلكها وحدنا ونحن نبحر صوبه .

أجل فنحن لن نبحر منتصرين بمحاولاتنا المختلفة والمتعددة بتعددنا نحن البشر لنتعرف على طريق عودتنا إليه إلا فرادى كما جئنا وكما نعبر آلية عراة من كل شيئ، فليس اللّه باب واحد ندخل إليه كلنا وإلا تحولنا إلى قطعان.

هكذا بالضبط يريدنا الله أن نعود إليه فرادى كل على طريقته. وطريقة كل منا ليصل لن تكون إلا خارج خرافة المؤسسات الدينية التي تمعن بالبشر إستلاباً بالجهل والنفاق.

لذلك أعتقد أن هوكينز لم يكن يخشى لا الجهل ولا طريقه عمل تلك المؤسسات التي تتوسل التجهيل ونشر الفقر والظلام ليتم بهما إمتطائنا نحن البشر كقطعان.

لذلك لطالما أكّد أن الخطر على البشرية لن يأتي من الجهل كونه كان دائماً ظاهره متفشيه بقدر ما يأتي من ظاهرة إدّعاء المعرفة.

 إن ظاهرة إدعاء المعرفة هو الخطر الأساسي، وهي أخطر من الجهل لأنها الطريقة المثالية التي تعمل بها المؤسسات الدينية والسياسية للسيطرة على العالم والشعوب هذه الايام، وذلك دائماً بقوة وقيم المال ورأس المال الإقتصادي السياسي القادر على إتمام هكذا مهمة صعبة.

برأي هوكينز (حسب ما قرأت له) إن ظاهرة إدعاء المعرفة هو الخطر الأساسي، وهي أخطر من الجهل لأنها الطريقة المثالية التي تعمل بها المؤسسات الدينية والسياسية للسيطرة على العالم والشعوب هذه الايام، وذلك دائماً بقوة وقيم المال ورأس المال الإقتصادي السياسي القادر على إتمام هكذا مهمة صعبة.

وها هي هذه الظاهرة الخطيرة اليوم تتجدد في عصر العلم وفلق نواة الذرّه والإستعدادت الكبرى للصعود إلى المريخ، ها هي اليوم هذه الظاهرة تعيد تشكيل وصياغة ظاهرة الذكاء الإصطناعي لتستغلنا بها حسب تقاليد إستهلاكية متجددة ومتطورة بالعلم نفسه. فتستطيع بها أن تدمر المناعة البشرية والحصانة الإنفعالية لما أبدعته الحضارة الإنسانية بمنحزات العقل والطب والفكر والأدب والفنون التي إكتسبناها بالثورات والنضال والعلم والفكر والأدب والفن.

ها هي تعيد صياغة قدراتها المتوحشة لتكمل سيطرتها علينا حسب ما سيراكمه هذا الذكاء الإصطناعي عليها من رساميل ستتضخم بها جيوبهم ومصارفهم.

هكذا ستدمر ظاهرة إدعاء المعرفة والحصول على حريتها المطلقة في إستخدام ثمار الذكاء الإصطناعي لتستولي على العالم وتعيد صياغته حسب تقاليد جديدة غريبة ومتوحشة تلتهم المنجزات الإنسانية التي دفعت كل الشعوب في العالم الكثير من التضحيات العظيمة التي تم على أساسها إرساء معالم ما نتنعّم به اليوم من رخاء صحي وسلام نسبي ورخاء إجتماعي وفكري وفني وثقافي.

إنها لطريقة رخيصة ومبتذلة تعاملت بها وسائل الإعلام العربية مع رحيله وما زالت تمارسها حتى بعد مرور خمس سنوات على ذاك الرحيل. حيث لم تر فيه إلا ملحداً أو لاأدرياً أجرت عليه حساباتها المضحكة المبكية والخرقاء. حساباتها التي أدخلته على أساسها إلى النار حيث ما زالت تصور نفسها كأنها هي الوصية على الله الذي أعطاها وكالة حصرية مع رجال الدين بتقسيم البشر وتقييمهم وفرزهم إلى سكان جنة ووقود لنار جهنم.

إن هذا الفكر ما زال يكرر مهزلة إبن رشد دون أن نتعلم من تلك الكارثة وما تلاها من تراجع ونكسات وهوان.

لا توجد وسوم لهذه المقالة.
Subscribe
Notify of
guest
0 تعليقات
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments

مقالات ذات صلة:

اشترك في نشرتنا الشهرية

تابعونا ليصلكم/ن كل جديد!

انضموا إلى قناتنا على الواتساب لنشارككم أبرز المقالات والتحقيقات بالإضافة الى فرص تدريبية معمقة في عالم الصحافة والإعلام.

هل تريد تجربة أفضل؟

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربة التصفح وتحليل حركة المرور وتقديم محتوى مخصص. يمكنك إدارة تفضيلاتك في أي وقت.

ملفات تعريف الارتباط الضرورية

ضرورية لعمل الموقع بشكل صحيح. لا يمكن تعطيلها.

ملفات تعريف الارتباط للتتبع

تُستخدم لمساعدتنا في تحسين تجربتك من خلال التحليلات والمحتوى المخصص.

0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x