في خضم البحث عن حلول مؤقتة أو دائمة لأزمة النفايات العامة، ليس هناك ما يشير الى إهتمام استثنائي بالنفايات الطبية، التي تعتبر خطورتها مضاعفة على البيئة العامة وعلى الصحة، وتأثيرتها السلبية ما زالت تهدد الوضع البيئي بجوانبه المختلفة.
ولكن لا تخلو معالجتها خلال العقد الأخير من جوانب ايجابية يمكن لمسها في مدينة صور.
النفايات الطبية تقسم الى نوعين: نفايات غير خطرة تشكل ٧٠ في المئة وهي شبيهة بالنفايات المنزلية المتولدة من عمل المؤسسات الصحية، ونفايات خطرة تتوزع الى عدة فئات منها النفايات الملوثة جرثوميا والمعدية، والنفايات الكيميائية الناتجة من المختبرات والمؤسسات الصحية والادوية المنتهية الصلاحية . وأخرى متولدة من الأعمال الإشعاعية.
*المصدر: SEPCO Enviroment
وبحسب مدير مركز معالجة النفايات الطبية لبلدية العباسية المهندس محمد درباج فإن المعمل الذي كانت تتولى زمام اموره شركة ميراج كان بحاله يرثى لها قبل استعادته من قبل بلدية العباسية منذ سنة ونصف، حيث استطعنا تخفيف التلوث الناتج عن المعالجة بنسبة ٩٠٪.
ولدى المعمل قدرة استعابية تقدر ب ٩٠٠ كلغ الى١١٠٠ كلغ كل ثمانية ساعات حسب نوع النفايات.
ولفت درباج الى ان حجم النفايات يفوق القدرة الاستيعابية للمعمل ما يجعل إدارة المعمل تقوم بتخزين جزء من النفايات لمدة يومين او ثلاثة ايام حتى لا يحصل هناك تراكم للنفايات في المستشفيات.
وان بعض التراكم يحصل احيانا بسسب الاعطال العديدة التي تحصل في المعمل. ويضيف:”نحن بصدد تسلم جهاز اتوكليف من ال UNDP نأمل ان يساعد في حل المشكلة”. مركز العباسية متعاقد مع تسعة مستشفيات وخمسة مختبرات، ومع مركز لبنان للتشخيص الطبي. وايضا مع مستوصف تجمع لبنان الواحد الكيان، ومؤسسات الامام الصدر، مؤسسة عامل في الجنوب. وثلاث صيدليات يزودوننا بالأبر فقط.
كما تعاقد المركز مع عيادتين لاطباء وثلاث عيادات اسنان وعيادة بيطرية واحدة.
ويشير درباج الى ان باقي العيادات الذي يبلغ عددها ٣٥٠ عيادة تقريبا تذهب نفاياتها مع النفايات العادية المنزلية.
واكد على ان البلدية قد ارسلت كتاب من فترة وجيزة الى اتحاد بلديات صور ليعمم على البلديات التي بدورها ستعمم على كل العيادات بضرورة جمع النفايات عبر البلدية او الاتصال بالمعمل لتتم معالجتها ولكن لم تلاق المحاولة أي اهتمام من المعنيين.
ويزيد:”قمنا بابلاغ وزارة الصحة عبر مطالبة القضاء بضرورة تحمل المسؤولية وايجاد حل للعيادات غير المكترثة، لنسبة للتلوث الناتج”.
قوم المركز بمعالجة النفايات بعد ان تكون قد وضعت في اكياس صفراء اللون اي خطرة ومعدية، وبعد التعقيم توضع في اكياس سوداء اي غير خطرة ومعدية مثل النفايات العادية ، وتصبح معقمة وترمى في مكان خاص في مكب او مطمر تابع لبلدية العباسية لانها تصبح كالنفايات المنزلية العادية غير خطرة، وتم ذلك عبر القيام بتحديد وزنها ووضعها في جهاز التعقيم اوتوكليف الذي يعقم النفايات على البخار ، تتم العملية اولا عبر الفرم والتسخين والتعقيم على درجة حرارة من ١٢٠ الى ١٤٠ درجة مؤية وضغط ٤ بار ثم التبريد ثم سحب البخار والتفريغ وبعد ذلك توضع في اكياس سوداء.
يعاني المركز من مشاكل تتعلق بالكلفة العالية لصيانة الجهاز والاعطال المتكررة بسبب ان الجهاز اصبح قديم العهد ، كذلك غياب وجود غرف تبريد كافية للتخزين، بسبب الكميات المتزايدة يوم بعد يوم وخاصة بعد جائحة كورونا، لان غرفة التبريد الموجودة حاليا كانت تكفي لعدد قليل من نفايات المستشفيات سنة ٢٠١٠.
كما وان كلفة التشغيل عالبة نسبة للبدل الذي يتلقاه المركز لقاء معالجة الكيلوغرام الواحد ، وكلفة التشغيل ٥٥ سنت وبدل معالجة الكيلوغرام الواحد ٢٠٠٠ ليرة لبنانية.
وارتفاع اسعار اكياس النايلون وقطع الغيار وجميع المواد التي تستعمل في عملية التعقيم نظرا لان ثمنها يحسب بالدولار الاميركي مع ارتفاعه الجنوني بالنسبة لليرة اللبنانية .
بالإضافة الى كلفة صيانة الشاحنة الخاصة لنقل النفايات وكلفة المازوت الذي يستعمل للمرجل ومولد الكهرباء وانقطاع الكهرباء المتكرر لساعات طويلة.
. بمراقبة حسن سير العمل في المركز لمراقبة عملية التعقيم وفق المعاير الصحية المطلوبة فهي تقوم بزيارة المركز ومتابعته.
الكميات المقدرة في لبنان
بحسب معلومات نقيب أصحاب المستشفيات “سليمان هارون” يبلغ حجم النفايات الملوثة والمعدية نحو ٤٥٠٠ طن سنويا ولا تتضمن هذه نفايات المختبرات وعيادات الاسنان ومراكز تصوير الأشعة والمستوصفات وغيرها.
ويقول هارون ان النقابة كانت اول من بادر الى معالجة النفايات المعدية عند صدور الموسوم عام ٢٠٠٣، وانها عمدت الى تدريب مستمر للعاملين في القطاع الصحي لفرز النفايات داخل المستشفيات بطريقة سليمة، وتخزين المعدي منها في مستودع مبرد حتى يتم نقلها للمعالجة.
ومن جهة أخرى، يعتقد هارون ان المشكلة الأساسية ليست بعدم تسليم المستشفيات لكامل النفايات المعدية، والتي يمكن ان تعالج من خلال رقابة مركزة حتى لا تحصل اية مخالفة للفرز والتوضيب داخل المستشفى بل تكمن المشكلة، برأيه، خارج المستشفيات من خلال عدم معالجة النفايات المعدية المتولدة من المختبرات الصحية، بنوك الدم، مراكز تصدير الاشعة، أطباء الاسنان وهي منتشرة بشكل واسع على الأراضي اللبنانية.
من الناحية القانونية، هناك قوانين صادرة في أعوام 1988 و1994 و 2002 لحماية البيئة. ويحدد المرسوم 13389 الصادر عام 2004 أنواع نفايات المؤسسات الصحية والفرز السليم لها والتخفيف من إنتاجها، ويضع الإرشادات التوجيهية لجمع نفايات المؤسسات الصحية وتخزينها ومعالجتها والتخلص منها. وترتكز آلية إدارة النفايات الصحية على التخفيف من إنتاج النفايات، الجمع، النقل، التخزين والمعالجة. غير أن عمليات الإشراف والمراقبة من قبل وزارة الصحة داخل المستشفيات، وخارجها من قبل وزارة البيئة، يبدو أنها لزّمت الى مؤسسة خاصة تعنى بجمع النفايات ومعالجتها مقابل بدلات مالية من دون أن يكون لكلا الوزارتين آلية دائمة للتحقق من النتائج المرجوة.
وفي لقاء مع خبير بيئي اعتذر عن ذكر اسمه بسبب وظيفته، اكد على ضرورة الانطلاق من مسلمة تتعلق بغياب السياسة البيئية تجاه أصناف النفايات حيث ان هناك كميات هائلة من النفايات الملوثة والمعدية يتم التخلص منها بطرق غير سليمة.
ويضيف:” ان من خلال تجربتي اعرف ان نفايات خطرة يتم التخلص منها عبر تسريبها مع النفايات العادية. وذلك لغياب الفرز الفعلي للمستشفيات.
كما ان بعض المستشفيات يحرق نفايته بطريقة خطيرة تؤثر على البيئة مثل الحرق في الهواء الطلق والرماد الذي ينثر في الطبيعة والغاز يطلق في الهواء.
وبالتالي فإن التضخم الحاصل والمعوقات التي يتعرض لها مركز معالجة النفايات الطبية في العباسية يستدعي الوقوف عند هذا الملف الذي ينطوي على مخاطر نوعية ويستحق اهتماما استثنائيا، بغية وضع استراتيجية للتعامل معه، والبحث عن حلول سريعة وعاجلة.