مهمتنا تبدأ وتمضي بكم/ن

Edit Template

الانتخابات البلدية: ذوو الإعاقة خارج المشهد

اشترك في

النشرة البريدية الأسبوعية: 

تم الاشتراك في النشرة بنجاح تم حدوث خطأ غير متوقع

تبعنا علي

وسائل التواصل الاجتماعي

تم حفظ المقال في المفضلة
تم نسخ الرابط بنجاح!
الثلاثاء 10 يونيو 20256:04 م

في أحد أحياء زحلة، جلس جورج – رجلٌ أربعينيٌ مصاب بالشلل النصفي منذ طفولته (رافضًا ذكر كنيته) -، على كرسيٍ خشبيٍ قديمٍ أمام منزله يوم الانتخابات البلدية والاختيارية لعام 2025. وجورج يعيش مع والدته المسنّة التي لم تعد قادرة على مساعدته كما في السابق. ولكنّه كان متحمسًا للمشاركة في الانتخابات. فقد تابع البرامج الانتخابية، وكتب ملاحظاته، واختار من يراه/ا الأنسب لخدمة منطقته. المشكلة لم تكن في إعاقته، بل في عدم قدرته على امتلاك كرسيٍ متحرّك، ولم تكن مراكز الاقتراع مهيأة لاستقباله.

لكنّ الأحبّة كُثرٌ، والجيران موجودون لمساعدته من أجل ممارسة حقّه كأيّ مواطن أو مواطنة لبناني/ـة. وعن سؤالنا ما سبب إصراره على الانتخاب، أجاب: “لم أطلب سوى أن أكون جزءًا من القرار ومشاركًا في الرأي العام، لأنّ صوتي عليه أن يكون مسموعًا”.

جورج لم يكن طامعًا بالحصول على الأمور الثانوية في حياته، بل على حدّ تعبيره: “هذه أسمى وأهمّ حقّ من الحقوق التي علينا أن نكتسبها، في بلدٍ يحتفل بملايين الدولارات وينظّم مهرجانات ضخمة عند الربح، من دون الأخذ بعين الاعتبار، ولو للحظة، كيف أنّ هذه الأموال يمكنها أن تنعش المنطقة وأهلها، بما فيهم نحنُ”.

للأشخاص ذوي الإعاقة الحق الكامل في المشاركة السياسية، وعلى رأسها حقّهم/ـن في الاقتراع، تمامًا كما هو الحال لبقية أفراد المجتمع. هذا الحق لا يجب أن يُنظر إليه كامتياز، بل كجزءٍ أصيل من المواطنة. فالديمقراطية لا تكتمل إلا بمشاركة جميع الفئات، من دون استثناء أو تمييز. وتمكين الأشخاص ذوي الإعاقة من التصويت يعني إزالة الحواجز التي تحول دون وصولهم/ـن إلى مراكز الاقتراع، وتوفير التسهيلات المناسبة لحالاتهم/ـن، سواء كانت جسدية، سمعية، بصرية أم ذهنية.

وإنّ إشراكهم/ـن في العملية الانتخابية ليس فقط واجبًا قانونيًا وإنسانيًا، بل هو أيضًا خطوة نحو بناء مجتمع أكثر دَمجًا. بمعنى آخر، لا يكفي أن يُمنحوا الحق فقط، بل يجب العمل بشكلٍ فعّالٍ لتمكينهم/ـن من استخدام هذا الحق مثلهم/ـن مثل أي فرد في المجتمع.

ركّزتُ على “حقّ الوصول إلى الترشّح والمشاركة في صنع القرار”، وانفهمتُ بأنني أستعطف الناس لأنني على كرسيّ.
آمال الشريف، هي إحدى المرشّحات عن لائحة “بيروت مدينتي” وهي من الأشخاص ذوي الإعاقة، تتكلّم عن تجربتها لمنصّة “صلة وصل” وتقول: “هي ليست المرّة الأولى التي أترشّح فيها عن لائحة “بيروت مدينتي”.

ولكن ما اختلف هذه المرّة، مهلة الحملة الانتخابية التي كانت قصيرة جدًا، بعد أن حُسم ترشّحي في عطلة نهاية الأسبوع. بالإضافة إلى الوضع المادي الصعب نتيجة الأزمة المالية التي حلّت علينا ككلّ. وهذه المرة كانت التحديات أكبر، مثل الوصول إلى وسائل الإعلام رغم الجهود الفردية التي قامت بها المواقع الإخبارية”.

اتُهِمت هذه المرّة بأنني أُثير شفقة البعض وأستعطفهم/ـن مستغلّةً حالتي للوصول إلى هدفي، رغم أنّ هدفي كان التركيز على حق الوصول.

وتؤكّد أنها “لم تكن الوحيدة من الأشخاص ذوي الإعاقة المرشّحين/ـات في الانتخابات، فهناك شابٌ من طرابلس وصبايا من زحلة وعاليه خطوا الخطوة نفسها. ولكن على عكس عام 2016، اتُهِمت هذه المرّة بأنني أُثير شفقة البعض وأستعطفهم/ـن مستغلّةً حالتي للوصول إلى هدفي، رغم أنّ هدفي كان التركيز على حق الوصول. قانونيًا، صدر عام 2000 قانون 220 الخاص بالأشخاص ذوي الإعاقة، والذي من المفترض أن يكون مُطبّقًا. ولكن، تطبيق هذا القانون يبدأ انطلاقًا من مؤسسات الدولة.

البلديات هي جزء من هذه الكيانات التي من المفترض أن تطبّق القانون. والشقّ الذي يتعلّق بالبنية التحتية للبلديات، ملزمة بأن تطبّقه. عندما أشدّد أنا شخصيًا على حقّ الوصول إلى الترشّح والمشاركة في صنع القرار، لم أتكلم هنا فقط عن الأفراد ذوي الإعاقة، إنما أيضًا عن كبار السن، والمرضى، والأطفال الجالسين/ـات داخل عربياتهم/ـن، وكل من لم يتمكّن من استخدام الأدراج.

ومن هذا المنطلق، تطبيق القانون 220 على 2000 لا يرتبط بالبلديات فقط، بل بالعمل البلدي، لذلك كنت أشدّد على حقّ الوصول، ليس لأنني على كرسي متحرّك لأستعطف الناس. وهذا ما كنت مستغربة منه. وهنا نتكلّم عن نسبة تتخطّى الـ 25% من سكّان البلد”.

أخيرًا، الشريف تشدّد على أنّ “انفجار المرفأ والحرب الأخيرة التي حصلت ما بين إسرائيل ولبنان، زادا من نسب الإعاقة في لبنان، وعلى هذا الأساس علينا تجهيز مراكز الاقتراع للجميع، لأنه حقٌّ مكتسب”.

في الميدان، الوضع سيء
الناشط في إحدى الماكينات الانتخابية في زحلة مارك بولس، يقول:”عند الساعة الخامسة مساءً تحديدًا، يوم إجراء الانتخابات النيابية-الاختيارية في زحلة، الأحد الواقع فيه 18 أيار، وقبل إغلاق صناديق الاقتراع بحوالي ساعتين، جاءتنا أنباء عن أشخاصٍ متحمّسين/ـات للإدلاء بأصواتهم/ـن داخل صناديق الاقتراع، معظمهن كنّ سيدات، لكنّ حالتهن الصحية، وحالة مراكزنا، لم تكن مهيأة لاستقبالهـن. استعرنا من الصليب الأحمر قرب مركز الاقتراع، كرسيًا واحدًا لنمرّ عليهـن شخصًا شخصًا للتصويت. “فتخيّلوا كم كان الأمر متعبًا”.

مشاركة لكبار السن في أحدى مراكز الإقتراع في زحلة

ويطالب بولس: “بتأهيل هذه المراكز، لأنّنا ساعدنا حوالي 15 امرأة ورجلًا، لكنني متأكد من أنّ العدد كان أكبر من ذلك، ولو استطعنا لما قصّرنا. الوقت داهمنا، سيّما أنّ أدراج أبنيتنا ضيّقة، والزّواريب كثيرة في ضيعتنا “وادي العرايش”، وهذا أمر صعب. فمن الضروري معالجة الموضوع بأسرع وقتٍ ممكنٍ”.

قسمٌ كبيرٌ من مندوبي الأحزاب، قاموا باستغلال الفرصة وساعدوا الأشخاص ذوي الإعاقة وكبار السن كحجّةٍ ليصوّتوا عن أشخاصٍ من دون أن يحترموا خيارهم/ـن في كيفية تعبيرهم/ـن عن أصوتهم/ـن المحقة

منسّق قسم الإعلام في جمعية “لادي”، راجي كيروز، يلفت إلى أنّنا “نحنُ كجمعية نراقب الانتخابات بشكل عام، كما نراقب جزءًا بسيطًا مما يتعلّق بالأشخاص ذوي الإعاقة. وأكثر ما لفت انتباهنا، أنّ مراكز الاقتراع لم تكن مجهّزة لاستقبال هؤلاء الأشخاص”.

ويلفت إلى أنه “في قانوننا الانتخابي، من الممكن أن نستعين بناخبٍ أو ناخبةٍ ثانٍ/ثانية بهدف مساعدة الشخص المعني/ة في التصويت. ولكن للأسف، قسمٌ كبيرٌ من مندوبي الأحزاب، قاموا باستغلال الفرصة وساعدوا الأشخاص ذوي الإعاقة وكبار السن كحجّةٍ ليصوّتوا عن أشخاصٍ من دون أن يحترموا خيارهم/ـن أو حرّية استقلاليتهم/ـن في كيفية تعبيرهم/ـن عن أصواتهم/ـن المحقة”.

أين القانون من ذلك؟

نعم، للأشخاص ذوي الإعاقة الحقّ في الاقتراع، وهو حقٌّ أساسيٌّ من حقوق الإنسان. تكفله الاتفاقيات الدولية مثل اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة (CRPD) التي تنص في مادّتها 29 على أن للأشخاص ذوي الإعاقة الحقّ في المشاركة في الحياة السياسية والعامة، بما في ذلك حقهم/ـن في التصويت والترشّح للانتخابات، على قدم المساواة مع الآخرين. ويشمل هذا الحق: الوصول إلى مراكز الاقتراع، توفير وسائل التصويت بطريقة تناسب الإعاقات المختلفة (مثل المساعدة الصوتية)، ضمان سرّية التصويت واستقلاليته، الحماية من التمييز أو الإقصاء بسبب الإعاقة.

لا توجد وسوم لهذه المقالة.
Subscribe
Notify of
guest
0 تعليقات
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments

مقالات ذات صلة:

اشترك في نشرتنا الشهرية

تابعونا ليصلكم/ن كل جديد!

انضموا إلى قناتنا على الواتساب لنشارككم أبرز المقالات والتحقيقات بالإضافة الى فرص تدريبية معمقة في عالم الصحافة والإعلام.

هل تريد تجربة أفضل؟

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربة التصفح وتحليل حركة المرور وتقديم محتوى مخصص. يمكنك إدارة تفضيلاتك في أي وقت.

ملفات تعريف الارتباط الضرورية

ضرورية لعمل الموقع بشكل صحيح. لا يمكن تعطيلها.

ملفات تعريف الارتباط للتتبع

تُستخدم لمساعدتنا في تحسين تجربتك من خلال التحليلات والمحتوى المخصص.

0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x