تكاثفت سحب التهديدات المناخية في سماء إفريقيا، وأصبحت دول القارة السمراء مهددة بمخاطر وصدمات تغيرات المناخ، خاصةً الدول الأكثر ضعفًا وفقرًا، وتلك المتأثرة بالصراعات الداخلية وغير القادرة على إدارة المخاطر، رغم أن القارة هي الأقل مساهمة بأقل قدر من الانبعاثات المسببة للتغير المناخي بين بقية قارات العالم.
وبخلاف درجات الحرارة العالية المميزة لدول القارة نظرًا لموقعها الجغرافي، خاصة في الدول الإفريقية الأكثر فقرًا حول خط الاستواء، والمتزايدة مؤخرا بفعل ارتفاع درجة حرارة الكوكب، إلا أنه في السنوات الأخيرة، تزايدت وتيرة الكوارث الطبيعية والظواهر الجوية المتطرفة في قارة إفريقيا الناجمة عن التغيرات المناخية، وتراوحت بين فيضانات وجفاف وعواصف، وما يتبعها من نزوح سكان المناطق المنكوبة، بمعدلات تفوق مثيلتها في الدول الأخرى.
وتشير توقعات المناخ إلى أن درجات الحرارة المسجلة في دول القارة الإفريقية خلال السنوات المقبلة ستزداد عن معدلاتها الطبيعية، وبنحو أربع مرات أكثر من البلدان الأخرى، ما يدق ناقوس الخطر من ازدياد احتمالات تعرض صحة سكان القارة للخطر، علاوة على تضرر إنتاجهم الاقتصادي الزراعي والصناعي في القطاعات الرئيسية؛ مثل الزراعة والبناء.
ويقول صندوق النقد إن الخسائر التراكمية في الناتج المحلي الإجمالي للدول الأكثر هشاشة قد تصل إلى نحو 4%، وذلك بعد ثلاث سنوات من وقوع الحوادث المناخية القاسية، وذلك بالمقارنة بـ 1% خسائر في البلدان الأخرى.
كما يقول “البنك الأفريقي للتنمية” إن تزايد مخاطر الجفاف بقارة أفريقيا من المتوقع أن يؤدي إلى خفض نمو حصة الفرد من الناتج المحلي الإجمالي بنحو 0.2% سنويًا؛ ما يعني بالتبعية تراجع الدخل إلى حد بعيد، خاصة للدول الإفريقية الأكثر ضعفًا وفقرًا مقارنة بالدول الأخرى.
أبرز ما أثمره (كوب 28) بشأن دول إفريقيا، هو مشروع إعادة تأهيل مليون هكتار من الأراضي المتدهورة، علاوة على توفير المياه والصرف الصحي والخدمات الصحية لنحو 18 مليون شخص، والطاقة المتجددة لما يقرب من 10 ملايين شخص.
وتأتي الصدمات المناخية لتُفاقِم حدة أزمات الصراع والجوع في الدول الإفريقية، مما يزيد تفاقم تأثيرها في الاقتصاد ورفاهية الناس. ويفيد “صندوق النقد الدولي” بأن الوفيات الناجمة عن الصراع -كنسبة من السكان- يمكن أن تزيد بما يقرب من 10% في البلدان الأفريقية الهشة بحلول سنة 2060. كما أن تغير المناخ من شأنه أن يدفع 50 مليون شخص إضافي في الدول الإفريقية الضعيفة إلى الموت “جوعًا” بحلول سنة 2060.
كما أن خسائر الدول الإفريقية الضعيفة معرضة للزيادة في ظل الأزمات المناخية المتزايدة، لا سيما وأن تلك الدول يعتمد أغلبها على الزراعة البدائية (البعلية)، والتي تمثل قرابة 25% من الناتج الاقتصادي لتلك الدول. والغالبية العظمة من مساحات الزراعة تلك تُسقى بمياه الأمطار؛ ما يجعلها عُرضة لمخاطر الجفاف والفيضانات. وإن وُجدت بنية تحتية للري، فغالبًا تكون ضعيفة وبدائية التصميم، ومهددة بالانهيار تحت وطأة الفيضانات أو بسبب الصراعات، كما يحدث في مالي والسودان.
كل هذا دفع دول القارة إلى استشعار مخاطر التغيرات المناخية عليهم، ليقترحوا نظامًا عالميًا لفرض ضرائب على الكربون، في “إعلان نيروبي” المشترك الصادر في ختام أعمال قمة المناخ الأفريقية بكينيا، سبتمبر الماضي، ومطالبة الدول الملوثة الرئيسية بتخصيص المزيد من الموارد لمساعدة الدول الفقيرة؛ فالقارة الأكثر تعرضًا لتأثيرات تغير المناخ، لا تتلقى سوى حوالي 12 في المئة من التمويل السنوي الذي تحتاجه للتعامل مع تغير المناخ، والذي يبلغ حوالي 300 مليار دولار.
ثم جاء مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ لعام 2023 (مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ COP28)، ليؤكد أحقية دول القارة في الحصول على الدعم الكافي من الدول والاقتصادات الأعلى مساهمة في التغير المناخي، لمساعدة اقتصادات القارة الهشة في التكيف والتخفيف من آثار التغيرات المناخية.
ولعل أبرز ما أثمره (كوب 28) بشأن دول إفريقيا، هو مشروع إعادة تأهيل مليون هكتار من الأراضي المتدهورة، علاوة على توفير المياه والصرف الصحي والخدمات الصحية لنحو 18 مليون شخص، والطاقة المتجددة لما يقرب من 10 ملايين شخص. بجانب تشجيع الاستثمار الأخضر، وتعظيم الإدارة المتكاملة لخصوبة التربة، والري بالطاقة الشمسية.